عيادة بني شكو .. باب الطبيب لا يغلق..!
البؤساء لا ينظرون وراءهم، فهم يعلمون أن النحس يلازمهم، و أن الشقاء يطاردهم..!
تلك المقدمة إقتباسات من رواية البؤساء للروائي العالمي الفرنسي فيكتور هوجو وكأني به كتبها لشعب السودان ولبؤساء بلادي وأشقاء المجتمع السوداني لكنهم يا هوجو هم لا يسرقون قطعة خبز.. بل حكامهم من يسرقون أحلامهم وأمنياتهم ومواردهم..وخبزهم ودواؤهم ويسجوننا خلف قضبان الفقر والعوز والفاقة.. ويقيدوننا بأغلال وسلاسل المعاناة والتهميش.. وبدورنا نصرخ بصوت مجلجل في عتمة الإهمال من المسؤولين والحكام.. وهم يبتغون فضلاً من نهم السلطة ونحن نبتغي بين كفاح الحياة سبيلاً..!
بالأمس أثناء تصفحي على الأسافير فوجدت صورة منشورة على صفحة الناشط السياسي والإجتماعي إدريس أحمد ود البر كاتباً عليها عيادة قرية بني شكو.. ذُهلت و دُهشت من تلك الصورة بدوري أخرجت هاتفي النقال من جيبي وهاتفته أحقاً هذه صورة لعيادة فأجابني بصوت غارقاً في الحزن نعم هي عيادة في قرية بني شكو بمحافظة الكرمك وحدة كرن كرن الإدارية إقليم النيل الأزرق، وذكر لي أن الانكى هي بمجهود شعبي ونفيراً تداعى له أهل القرية عملاً بنصيحة القديس ميريل في رواية البؤساء والتي مفادها (باب الطبيب يجب ألا يغلق).
فتداعى أهل قرية بني شكو من كل حدب وصوب.. وجاءوا زرافات ووحدانا بغية تشييد عيادة لهم من المواد المحلية لتستقبل المرضى.. وليجد فيها الممرض أو المساعد الطبي ركناً قصياً ليعطي كل ذي مرض ترياقاً ووصفة طبية علها تداوي علته.!
قرية بني شكو تجسد مقولة لكل إنسان من إسمه نصيب ومعنى.. هاهم يشكوون من إهمال حكومة أحمد العمدة وهي من القرى المستهدفة بالتنمية والإعمار وفقاً لسلام جوبا الذي حوت نصوصه الإهتمام بمناطق التماس فمحافظة الكرمك من المناطق التي تأثرت بالحرب منذ الثمانينات منذ إندلاع المعارك بين الجيش الشعبي والجيش السوداني.. إلا أنها لا زالت قراها النائية البعيدة تفتقر لأبسط الخدمات الصحية وغيرها..!
قرية بني شكو ليست وحدها التي تعاني من ظلم الحكومات وتهميش وإهمال الحكام.. فسودان عزة زاخراً بتلك القرى التي يكافح الناس من أجل الحياة!
كما ذكر أستاذي الصحفي المعتق محمد عبدالله الناس في قرية بني شكو أوقدوا شمعة النفير عوضاً من إنتظار ولعن الحاكم ومعه وزير الصحة.. ولكن نقول لهم سوف نقدم لكم رقاع الدعوة لتدشين وإفتتاح وقص شريط عيادة بني شكو فهلا لبيتم دعوتنا لكم..!
يحدث هذا الإهمال وفي النيل الأزرق حكماً ذاتياً 40٪من مواردها لصالح الإقليم لتنفق في الصحة والتعليم والتنمية.. يا لبخل حكومة الإقليم وتعساً ليدها المغلولة وظلمها لشعب النيل الأزرق..!
النيل الأزرق الغنية بالموارد المتجددة تفشل حكومتها في أن تشيد عيادة بالمواد المحلية لمواطنيها فهم لم يطلبوا مركزاً صحياً أو مستشفىً بكادره الطبي وهذا حقهم في الحياة بطبيعة الحال..!
لم أجد أكثر من الشعب السوداني تعاسة وشقاءً وذلك بفضل إفقاره وإذلاله من قبل حكامه الذين يصرفون أمواله على أنفسهم دون خشية إملاق رعاياهم ويرفلون في النعيم ومباهج السلطة.. والشعب السوداني يكافح الحياة ويناضل من أجل حفظ النوع من الإنقراض ليبقي على مجايلة خصاله ودماثة خُلقه وكبريائه بأن ألا يتعرى أمام حكامه وألا يكشف سوءة حاجته لهم.. ولُيبقي على سيرته الناصعة والساطعة لتكون سيرة ومسيرة تُسير بها الأجيال القادمة ويتناقلوها جيلاً بعد جيل إرثاً وموروثاً ثميناً كالجواهر النفيسة..!
قرية بني شكو لكل إنسان من إسمه نصيب..!
1/24 /2023