تقارير

جايلز ليفر .. قراءة في دفتر الحالة السودانية الراهنة

لأكثر من ساعتين دار نقاش مستفيض بين السفير البريطاني في الخرطوم السيد جايلز ليفر ومجموعة من قادة الصحف والفضائيات وكُتاب الرأي كان محوره الحالة السودانية الراهنة سيما على المستويين السياسي والاقتصادي.

وكانت صحيفة التيار بوابة العبور للقاء سفير بريطانيا اسوة بلقاء شهير سابق مع سلف ليفر السيد عرفان صديق ووقتها سود اللقاء صفحات الصحف على مدى ايام ..
جايلز ليفر شرح الواقع السوداني من وجهة نظره وشرح موقف بلاده ووجهة نظره الشخصية ونظرته للسودان ومستقبله وفي المقابل رد على الكثير من الاسئلة ..

الموقف من الاعلام

ابدى السفير البريطاني اهتماما بالاعلام السوداني وخلق اواصر تواصل معه وهو اهتمام يقول بانه ينطلق من مبدأ حول دور الاعلام في التحول الديمقراطي في السودان او غيره وهو يشير الى سياسة بلاده الخارجية التي تمضي في اتجاه يدرك جيدا دور الاعلام في الانظمة الديمقراطية وهو يذكر كذلك بان الديمقراطية لاتعني الانتخابات فقط وان كان يرى متانة الرابط بين الديمقراطية والانتخابات وحقيقة ان ممارسة الانتخاب جزء مهم في الديمقراطية و يضيف لهذه العلاقة ممارسة الاعلام وحماية الاعلاميين انفسهم وسيادة حكم القانون.. وقال السفير: دائما نحاول ان ندعم حرية الإعلام في السودان واستدل بمؤسسات بناء القدرات وانشطتها المستمرة.

تعاون مرتقب مع الحكومة الجديدة

اولويات البعثة البريطانية في الخرطوم التي تحدث عنها السيد جليفر تترقب تشكيل حكومة مدنية ورسم لها السفير خطوات داعمة منذ الآن حيث مضى في حديثه عن الراهن السياسي بالقول: نتعاون مع الحكومة السودانية الجديدة وهو يأمل في نجاح العملية السياسية الجارية ويأمل في جديد للسودان في العام الحالي 2023م وفي اتفاق سياسي بين الاطراف المعنية ومن ثم حكومة مدنية وبداية مرحلة انتقالية جديدة ولم يغفل الحديث عن انتخابات حرة نزيهة وتشكيل حكومة منتخبة .

مفتاح التعاون بين بريطانيا والسودان

مباشرة ذهب السفير لنتائج عملية يمكن ان تترتب على نجاح العملية السياسية في السودان حيث يرى النجاح بمثابة مفتاح للتعاون الثنائي بين بريطانيا والسودان وقال السفير: حالياً أنا وزملائي في السفارة نبذل جهدنا من أجل دعم العملية السياسية ولن نفرض اي حلول على الاطراف ودورنا بالدعم الدبلوماسي والسياسي والفني والتأكيد على رغبتنا في مستقبل افضل للسودان.

الدعم البريطاني

تحدث جايلز ليفر عن دعم بريطانيا للسودان وهو يلفت الى انه دعم متواصل لم يتوقف ومنذ انقلاب 25 اكتوبر العام قبل الماضي ينساب الدعم عبر المنظمات، والسفير يرى ان المساعدة الانسانية لن تحل مشاكل التنمية في السودان عطفا على الاهمية القصوى للتنمية والاستثمار والتجارة.

حديث عن الشارع

حراك الشارع السوداني والتعاطي مع تطورات العملية السياسية والموقف من الاتفاق الاطاري والحكومة المرتقبة وغيرها من ملامح المشهد السياسي الحالي تحدث عنها السفير البريطاني بدبلوماسية كانت واضحة في اختياره للعبارات التي كان يرد بها على اسئلة كانت تدور حول كل تلك المحاور..

وهو يرى أن رسالة الشعب السوداني واضحة في تحقيق السلام والعدالة وتتبدى مظاهر رفضه لبعض الاجراءات بالاستمرار في الرفض وهو يشير الى العناصر الأساسية في تحديد ردة فعل المجتمع ويغلق هذا الباب بتأكيده على انهم لايفرضون على السودان شيئاً ويذكر بادوارهم التي لاتمس حقوق الآخرين.

الموقف من الاتفاق الاطاري

السفير البريطاني في الخرطوم السيد جايلز ليفر يرى ان الاتفاق الاطاري من واقع الضرورة لتسوية سياسية، ومضى في حديثه عن الاتفاق بالقول: رحبنا به باعتباره خطوة للامام.. واضاف بان محادثاته الشخصية وانطباعه يعزز موقف الكثيرين بان الطريق يحتاج الى تسوية سياسية والتشاور عبر المفاوضات، وقال السفير: نحترم حرية التعبير والاتفاقية الاطارية توضح كيف يكون الحكم بصورة جيدة وكذلك وجود الطرف المدني في السلطة.

السودان داخل أروقة مجلس الأمن
آراء أعضاء مجلس الأمن بشأن التطورات السودانية تكشفت من خلال بيان صادر عن مجلس الأمن، و مؤخراً لأول مرة يتفق اعضاء المجلس على قرار حول السودان وهو ما اشار اليه السفير اليريطاني بشيئ من التفاؤل رغم انه لم يتجاهل موقف بلاده من روسيا بسبب الحرب مع اوكرانيا واتخذ هذا الأمر كدليل على خصوصية قرار المجلس حول السودان والاتفاق حول قرار في مثل هذا الوقت وهذا وضح في عباراته التي قال فيها: علاقتنا مع روسيا صعبة بسبب الحرب وكون اعضاء مجلس الأمن استطاعوا الاتفاق على اصدار قرار حول السودان هذا أمر جيد ،والمعلوم ان اعضاء مجلس الأمن لم يتفقوا على قرار حول السودان منذ انقلاب 25 اكتوبر.

وفي حديث السفير البريطاني عن الاتفاق الاطاري لم يتحدث عنه كاتفاق كامل فلايزال هناك الكثير لكنه يعتبر الاتفاق خطوة مهمة جدا ، وقال كنا واضحين جدا بشأن توقعاتنا عن توسيع قاعدة الاتفاق .. وتابع توقعاتنا ان يلم شمل اطراف أخرى كالشباب وهو يلفت الى ان الاطراف الاخرى تشمل ممثلين للولايات وليس العاصمة الخرطوم فقط.

حكم مدني شامل

التوقعات التي تنظر لها بريطانيا بعد الاتفاق الأخير الذي حدد وجود المدنيين بخلاف نسبة الـ50% السابقة التي اثبتت عدم جدواها .

التوقعات تشير الى حكم مدني شامل وهو يشير الى جهود عملية لاقناع الاطراف لتحقيق حكم مدني شامل.

تعليق على المقترح المصري

تعليق السفير البريطاني على المقترح المصري الذي قدمه رئيس المخابرات المصرية بشأن الاتفاق الاطاري جاء مقتضباً حيث اكتفى السفير بالقول: بالفعل قرأت واطلعت على تقارير اعلامية ، وكذلك اطلعت على بيان اصدرته الحكومة المصرية عقب الاتفاق وهي قد رحبت بالاتفاق الاطاري..

والسفير قرأ الموقف المصري في اطار الترحيب بالاتفاق وعاد بالتذكير بموقف بريطانيا قائلاً: موقفنا من الاتفاق الاطاري هو انه يمثل الخطوة الصحيحة للأمام، واضاف: نأمل ان يركز الشركاء على دعم المرحلة لتكون مرحلة ناجحة بناءً على الاتفاق الاطاري، ومضى بالقول مصر والسودان دول جوار وتتأثران ببعضهما البعض وتابع:
سافرت الى القاهرة للحديث مع الحكومة المصرية بشأن السودان بجانب أن كل زيارات المسؤولين البريطانيين للقاهرة ايضا تتناول الحديث عن السودان ويصرون دائماً ان يكون السودان ضمن الاجندة المطروحة خلال الزيارات التي تتم بين مصر وبريطانيا.

وهو يشير الى أن مايقومون به حوار دبلوماسي طبيعي، وقال : لانريد ان يتحول إلى نظرية مؤامرة وهي مجرد علاقات دبلوماسية ونتمنى ان تكون العملية بقيادة سودانية وما نريده ان يتحقق هو اتفاقية تتسم بمشاركة واسعة و توفر الاستقرار للسودان في المستقبل القريب.
الخلافات حول الاتفاق واللحاق به

كثير من التساؤلات حول الرافضين وكيفية لحاقهم بالعملية السياسية رد عليها السفير من واقع حرصهم على أحقية الاطراف السودانية في ايجاد حلول قائلا:

أما الحديث عن من يحق له التوقيع أو من الذي يوقع هذه تفاصيل تحددها الاطراف السودانية نفسها، وهناك أمور مهمة تتمثل في محاولة الاقناع بان هذا هو الطريق الأمثل سواء أكان لحركات أو قوى سياسية وبعض الشئون الأخرى التي يرى بانها تفاصيل داخلية من بينها مايتعلق ببعض الشئون الداخلية للاحزاب على سبيل المثال الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل .

السفير عاد للحديث عن بيان مجلس الأمن لربطه بما ورد عن حديث حول الحاق غير الموقعين على الاطاري وقال: ان الاشارات التي وردت في بيان مجلس الأمن تشير لاهمية الحاق غير المشاركين بتوفير فرص للآخرين للحاق مما يعني ان يكون لغير الموقعين مقترحات يجب أن تتاح لها الفرص بان تكون محل حوار .. وفي ذات الوقت كل الذين يدعمون أهداف الاتفاقية ورؤيتها حول الوصول الى تحقيق الأهداف المرجوة.

إتفاقية جوبا

ورد حديث بشأن اتفاقية جوبا والسفير شدد على دعمهم للاتفاقية لكن ايضا يرى بان مايثار حول الاتفاقية من رفض بشأن عدد من المسارات سواء أكان في الشرق او الشمال يراه السفير أمرا داخليا ويلفت الى ان هناك قضايا ذات صبغة داخلية لكنهم يدعمون الاتفاقية ويدعمون تحقيق الاستقرار في دارفور ،ويشير الى الاحداث في دارفور ووقوفه من خلال زيارات قام بها على الاوضاع الانسانية هناك.

وقال ان احاديثه مع كثيرين لمس اتفاقا وسطهم بان هناك مشكلة تاريخية في المركز والولايات.

وتحدث السفير عن استمرار دعمهم لدارفور وتحدث عن دعم بقيمة 250 مليون جنيه استرليني ذهب معظمها الى دارفور.

المحاور الدولية

السفير البريطاني رداً على تساؤلات بشأن تأثير المحاور العربية خاصة دول الامارات والسعودية على الازمة السودانية اكتفى بالقول بانهم يعملون مع هذه الدول في اطار الرباعية وهو يرى بان تلك الدول مهتمة بأمر السودان وتتحرك بناءً على هذا الاهتمام وبناءً على رغبة في تحقيق الاستقرار في السودان وهو يعتبر أي اهتمام في هذا الاطار هم يرحبون به.

الأزمة الاقتصادية

الحديث عن الأزمة الاقتصادية في السودان وحتى على مستوى العالم واثر الحرب الروسية عليه حديث قاد النقاش للاشارة للحلول المرتقبة في ظل موقع السودان الاستراتيجي، وقد ابدى السفير البريطاني اعجاباً بموقع السودان وروابطه كدولة عربية وإفريقية وتحدث فيه عن اهمية الاستقرار، واشار لمبلغ 5 مليارات دولار من المجتمع الدولي كان قد فقدها السودان بسبب الانقلاب.
ومضى بالقول: في ظل التحديات الاقتصادية من المهم أن يعود التعاون الدولي ويجب ان تكون الحكومة جاهزة للتواصل مع المؤسسات المالية الدولية حول قضايا الاصلاح الاقتصادي وهو يشير الى تحسن ملحوظ في فترة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

السفير البريطاني اهتمام خاص

الحديث اللافت الذي تحدث به السفير البريطاني قوله إنه يهتم للحديث عن التنمية وخلق فرص الاستثمار في السودان أكثر من الجوانب السياسية، وقال: أنا شخصياً في حال حلت الازمة السياسية وتحقق الاستقرار اتطلع للحديث مع المستثمرين البريطانيين للاستثمار في السودان، وهو يشير لاهمية الاستقرار وتناول أمثلة عديدة عن تجارب ناجحة للاستثمار البريطاني في دول مجاورة والنجاح الباهر الذي تحقق في دول مثل كينيا. واشار كذلك لاهتمام بريطانيا بالتراث السوداني، وقال ان هناك خبراء لترميم بيت الخليفة بام درمان وحماية التراث الثقافي السوداني وابراز القصص الوطنية وليس قصص المستعمر على حد تعبيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى