رأي

لقاء نيروبي••عندما توحدت جبال توتيل (المبروك) وكاودا (الحلو) لإنهاء التهميش وبناء وطن العدالة

بقلم / لنا مهدي

عندما اجتمعت جبال كاودا وتوتيل في نيروبي الحركة الشعبية لتحرير السودان / شمال بقيادة القائد عبد العزيز آدم الحلو وحزب الأسود الحرة / بقيادة الدكتور مبروك مبارك سليم رأينا شموخ السودان وإنهاء التهميش لشرقنا الحبيب وغربنا الحبيب فكلا القوتين كانتا من أبرز الموقعين على ميثاق تأسيس الدولة السودانية .

كان هذا اللقاء نقطة تحول مهمة في مسيرة النضال السوداني من أجل العدالة والمساواة حيث التقت إرادة التحرر من الهامش الشرقي والغربي لتؤكد أن معركة العزة والسؤدد واحدة وأن السودان لا يمكن أن ينهض إلا بتوحيد قواه المهمشة والمظلومة.

لعب حزب الأسود الحرة دوراً محورياً في الدفاع عن حقوق شرق السودان الذي عانى لعقود من الإقصاء والتهميش ؛ فمنذ تأسيس الحزب رفع راية النضال من أجل الاعتراف بحقوق كافة لمجموعات المهمشة في شرق البلاد وسعى إلى تحقيق تنمية حقيقية في الإقليم الذي ظل يعاني رغم ثرواته الكبيرة وموقعه الاستراتيجي. قادت الأسود الحرة كفاحاً سياسياً وعسكرياً مطالبة بالعدالة في توزيع الموارد والتمثيل العادل في مؤسسات الدولة وواجهت محاولات السلطة المركزية لتهميش قضيتها من خلال المفاوضات والضغط السياسي والدبلوماسي ؛ فلم يكن نضال الأسود الحرة مجرد معركة إقليمية بل كان جزءاً من النضال العام ضد سياسات التمييز والإقصاء ما جعل الحزب طرفاً أساسياً في أي مشروع وطني يسعى لتحقيق العدالة.

أما الحركة الشعبية لتحرير السودان / شمال فقد مثلت طليعة القوى المقاومة للظلم والاستبداد في مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق إذ حملت الحركة راية مشروع “السودان الجديد” الذي يدعو إلى إقامة دولة ديمقراطية تسع الجميع بعيداً عن التمييز العرقي أو الجهوي وخاضت الحركة نضالاً شرساً ضد الأنظمة المركزية التي حاولت فرض واقع الهيمنة السياسية والاقتصادية على المناطق المهمشة مستخدمة أدوات المقاومة المسلحة والتفاوض السياسي كوسيلتين لتحقيق أهدافها.

لم يكن نضال الحركة الشعبية محصوراً في القتال العسكري فحسب بل امتد إلى ميادين الفكر والسياسة حيث قدمت رؤية متكاملة لإعادة هيكلة الدولة السودانية على أسس المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية ورغم التحديات التي واجهتها استطاعت أن تحافظ على مشروعها التحرري مستندة إلى دعم المجتمعات المحلية التي رأت فيها الأمل الوحيد للخلاص من التهميش.

إن ميثاق نيروبي الذي جمع الحركة الشعبية / شمال والأسود الحرة لم يكن مجرد اجتماع سياسي بل كان تعبيراً عن وعي عميق بأن النضال ضد التهميش لا يمكن أن يكون معزولاً وأن وحدة قوى الهامش هي السبيل الوحيد لمواجهة منظومة الهيمنة المركزية وكان اللقاء رسالة واضحة بأن السودان لا يمكن أن يحكم بمنطق الإقصاء وأن التغيير الحقيقي يأتي عندما تتوحد الإرادات الحرة في الشرق والغرب والجنوب والشمال لتحقيق العدالة والمساواة.

هذا اللقاء التاريخي أعاد الأمل للسودانيين الذين ظلوا يناضلون من أجل وطن يحتضن الجميع بعيداً عن سياسات التمييز والإقصاء ؛ وهو خطوة أولى نحو بناء تحالف قوي بين قوى الهامش قادر على فرض رؤية جديدة لمستقبل السودان حيث يكون لكل مواطن حقه في العيش بكرامة والمشاركة في صناعة القرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى