
بقلم : مصعب الهادي
– سير الأحداث التى تدور الان بالسودان من اجواء ضبابية تزداد فيها نسب الفساد والفشل الذي أضحت روائحه مقززة، يوزايه إحباط كبير لحصاد رحلة التغيير، ظروف وإحداثيات تنبئ عن تهيؤ لميلاد جديد ، لكنه غير معروف النتائج والأبعاد ؛ مايتم الترسيخ له حسب المعطيات إنقلاب عسكري بشكل أكثر نعومة.
– ألمس ذلك من خلال نظرتي البسيطة لواقع حال الشارع العام الان، فلم يعد بفارق مع الغالبية العُظمى شكل نظام الحُكم ، بقدر توقهم لإيقاف العبث الذي يحدث من محاصصات ضيقة تقتل أحلامهم وتطلعاتهم التى إنبنت على التغيير؛ ولعل ذلك دلالة للتقدم الكبير الذي يحرزه العسكر في سبيل إجهاض الديمقراطية ، وهو على وشك ان يؤتي أكله، يترأى بشكل أو بأخر في التضييق والحصار الإقتصادي بجانب إحتكار القرارات من قبل الشق العسكري، وبكل أسف يتماهى الشق المدني مع ذلك.
– بالنظر لعملية صناعة الديكتاتوريات نجدها تتشكل بتضخيم مُفرط لدور الأجهزة الأمنية والإستخباراتية في الدولة، لإشعار المواطن بأنه تحت نيران القبضة الأمنية دائمًا، ولعل من أكبر الدلائل لصناعة ديكتاتورية جديدة، ماتعرض له أحد الزملاء مؤاخراً؛ فمن المعروف إن الحقيقة هي العدو الأول للديكتاتورية، لذلك فالصحفيون دائمًا مستهدفون ، ولايخفى على الجميع أيضاً إن من الأدوات لذلك زرع الفتن وإشاعة الخوف والعنف المجاني والتهديد والتعذيب والإخفاء والتخوين لتفتيت المجتمعات.
– فكسر علاقة الأفراد بالواقع والحقيقة ومنطق الأشياء، يخلق بيئة جيدة للرضوخ والقهر وإرغام الجميع للخضوع لنظام ديكتاتوري شمولي جديد، ولعل ذلك جملة مايحدث من واقع حال ، مايؤكد ان عقلية الحُكم ماتزال تعمل بطرائق التفكير القديمة، تغفل عن طموحات الأجيال الجديدة وتطلعاتها ، وبالقطع أي محاولات لفرض واقع غير الذي تطمح له الأجيال الجديدة تعتبر محاولة فاشلة ، فتجارب اليوم لا تشبه تجارب الماضي.
– مستخلص القول ان الشعارات وحدها لن تصنع دولة ، دون الإذعان للواقع بعين فاحصة ، وتطويرها بما يتوفق مع تطلعات الجميع، فكثرة الزمارين والطبالين حول مسؤولي الإنتقالية لايعني تحريكهم ساكناً في البركة ، بقدر ماسيكلفهم ذلك المزيد من الخسائر وفقدان البوصلة والتوازن والصحو على صوت قوى رافض إن لم يكن ناجز وعادل ، يجب على الحكُام الجدد الخروج من النطاق الزائف للواقع المجرد ، والتعاطي مع الأشياء بمرونة والإستجابة لصوت الكل ، وتحقيق غايات وطموحات الشعب والشباب بشكل خاص وتحقيق العدالة بما يحفظ دور كل فرد في المجتمع، بعيداً عن دور الظل الذي يقبعون فيه.
نقطة نظام :
نحن لا نختلق الأكاذيب ولكنها الحقيقة .. وقوة الحقيقة في إستمرارية وجودها.