بعد كل ما حاق بالبلاد من دمار وخراب يقابلون كل دعوة للحوار والتفاوض بالرفض والإصرار على مواصلة الحرب للبقاء في السلطة ، وفي كل مرة تضيق عليهم الخيارات وتتقاصر أمامهم فرص العودة إلى الرشد وتجنيب ما تبقى من البلاد الهلاك.
من أهم ما ورد في إحاطة المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بريللو للمجلس الشيوخ إشارته واضحة لدخول إيران على الخط في حرب السودان فضلاً عن وجود ملحوظ للتطرف ،هذا بالإضافة إلى إرتكاب قوات الدعم السريع إبادة جماعية في الجنينة.
تأتي هذه الإحاطة المليئة بالمحاذير وهي تدق ناقوس الخطر في البيت الأبيض بأن حرب السودان باتت مهدداً للأمن الأمريكي وأمن منطقة الشرق الأوسط ، وكذلك تأتي وسط تحذيرات من الأمم المتحدة وعدد من دول العالم بوقف القتال والاشتباكات في الفاشر التي حشد فيها الطرفين قواتهم تأهباً لمعركة واسعة النطاق تزيد من معاناة المواطنين.
ما لا تدركه الأطراف المتصارعة أن حالة الفاشر قد تعجل باجتماع لمجلس الأمن يفرض التدخل الدولي ، خاصة وأن هناك سابقة فقد سبق وأقر المجلس دخول قوات دولية لحماية المدنيين في دارفور (اليوناميد) ويومها أرغى البشير وأزبد وأبدى رفضه التام لدخول قوات أممية وقال إنه تحت (جزمته) ..ولكن في النهاية رضخت الإنقاذ وهي في عنفوانها ودخلت (اليوناميد) دارفور.
وإذا كانت الحكومة تعتقد أن إتجاهها نحو روسيا يمكن أن يوقف مثل هذا القرار فهي نسيت الموقف الروسي المؤيد لحل الأزمة في السودان وتأييده لكل الحلول المطروحة من الإتحاد الأفريقي والإيغاد ومنبر جده ، وبالتالي لن ترفض روسيا دخول أي قوة لحماية المدنيين.
من المؤكد أن القوة التي ستتدخل لن تقتصر مهمتها على الفاشر بل كل السودان ، كيف لا ووالي الخرطوم يصدر القرارات بتشكيل جهاز أمن يتبع له ويمنحه صلاحيات بالإعتقال لمجرد الإشتباه وكذلك حق التفتيش ، والتنسيق مع الأجهزة الأمنية ويتزامن ذلك مع اعتقالات طالت الناشطين واعتداءات للمستنفرين على المواطنين لدرجة قتل أحدهم في ولاية القضارف.
كثيرة هي العوامل التي جعلت حرب السودان محط أنظار المجتمع الدولي، فالانتخابات الأمريكية على الأبواب والفشل الذي لازم إدارة بايدن في حرب أوكرانيا وغزة لن يسمح به البيض الأبيض في أن يستمر في حرب السودان ، فضلاً عن تقارب وجهة نظر واشنطن ولندن واصرارهما على أن يعقب وقف اطلاق النار عملية سياسية تعيد الحكم المدني الديمقراطي للبلاد.
إصرار الأطراف المتحاربة على الاستمرار في القتال سيعجل بقرارات من مجلس الأمن تعيد الأمور إلى نصابها وعندها سيكون المستهدف هو ما أشار إليه (توم بريللو).