عبد الباسط حمزة يعتبر من أكبر الفاسدين التابعين لتنظيم الحركة الأسلامية السودانية، ونهب مع تنظيمه مليارات الدولارات من أموال الشعب السوداني.
من مواليد كوستي، لأب يعمل كجزار، وهو في الأصل من الشمالية قرية الكرفاب، بلديات علي عثمات محمد طه.
خريج جامعة الخرطوم مساحة، عمل بكنانة بعد التخرج، ثم تم إستيعابه في الجيش برتبة رائد بالمساحة العسكرية.
في الخفاء وتحت جنح الظلام، ظل الإخواني عبدالباسط حمزة يتمدد كالخلايا السرطانية في جسد السودان المنهك، نهبا لثرواته بمعاونة جماعة الإخوان الإرهابية التي توهمت الخلود في نعيم السلطة.
صعد حمزة خلال فترة وجيزة إلى مصاف رجال المال والأعمال بصورة أذهلت الشارع السوداني، لكن سرعان ما تكشف الأقنعة وتواترت التقارير الموثوقة، أن الرجل يمثل واحدا من المستثمرين السريين للحركة الإسلامية السياسية، ضمن شبكة تضم العشرات من لصوص المال العام.
ويقول عضو لجنة تفكيك نظام الإخوان وإزالة التمكين، صلاح مناع، إن عبدالباسط حمزة الضابط الصغير في القوات النظامية تغلغل في قطاع الاتصالات وتورط في بيع شركة موباتيل السودانية بمبلغ يساوي 10% فقط من قيمتها الحقيقية.
كما تورط في نقل فرع لشركة سوداتل للاتصالات السودانية للخارج واستثمار أموالها لصالح نظام الإخوان ولم يعِدْ هذه الأموال للداخل، وأسس شركات وهمية نهب بموجبها أموال الشعب السوداني.
وأشار إلى أن اللجنة استردت أراضي سكنية وزراعية من عبدالباسط حمزة تقدر مساحتها بمليون فدان، بجانب نحو 30 مليون سهم من شركة “إم تي إن” للاتصالات، وأسهم بمول عفراء وفندق السلام روتانا.
ورغم ضخامة الأصول المستردة من عبدالباسط حمزة، فإن تقديرات غير رسمية تشير إلى امتلاك الرجل ثروة خيالية ورؤوس أموال بالداخل والخارج، ممن استأمنته عليها الجماعة الإرهابية.
ويقول بعض الناشطين في مجال القانون إن الفظائع التي ارتكبها عبدالباسط حمزة بحق ثروات البلاد يجب أن تقوده للمشانق دون مواربة، ولا ينبغي الاكتفاء باسترداد الأموال لخزينة الدولة.
قام عبدالباسط حمزة وجماعته بتهريب الأموال التي نهبوها إلى الخارج، حيث يملك شركات اتصالات في دول أفريقية عديدة، تدر مليارات الدولارات، يمكن أن تُستخدم في تمويل الإرهاب، وعدم استقرار الوضع في السودان.
في أبريل 2020 رُصدت حوالي 16 شركة لعبد الباسط حمزة من بينها شركة الزوايا، التي تأسست في 2002، والشركات التي تملكها: لاري كوم للاستثمار المحدودة، المؤسسة في العام نفسه، وشركة رام للطاقة المحدودة، المؤسسة في 2003، وكلها شركات مملوكة لعبد الباسط حمزة.
كما ورد اسمه في وثائق پاندورا، التي كشفت عن تحالف ضمّ رئيس مجلس الإدارة الأسبق لشركة سوداتل عبد العزيز عثمان مع رجل الأعمال عبد الباسط حمزة، المقرب من الرئيس السوداني السابق عمر البشير، لنقل أسهم من شركة سوداتل العامة إلى شركة “لاري كوم” السودانية الخاصة عبر شركة “إكسبرسو القابضة”. وتأسيس شركة أخرى تحمل نفس الاسم، “لاري كوم”، بشراكة بين الاثنين في جزر العذراء البريطانية، قبل إبرام الصفقات مباشرة، ما يُعد تضاربًا في المصالح. ويرتبط حمزة بعلاقة بالبشير، وترجع صداقتهما إلى أن الأول كان عضواً في الحركة الإسلامية في السودان التي خرج منها حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، فيما كان عبد العزيز عثمان قيادياً في الحزب نفسه.
قطاع الإتصلات
وبدأت علاقة حمزة بقطاع الإتصالات في 2002، عندما حصلت شركته المؤسسة حديثاً “لاري كوم” على رخصة إدارة ثاني شبكة اتصالات التي انتقلت فيما بعد لشركة “ام تي ان”. وملكت لاري كوم 15 في المئة من شركة “ام تي ان” السودان، بينما ملكت “ام تي ان” باقي الأسهم. وشغل حمزة منصب رئيس مجلس إدارة شركة سوداتل المملوكة للقطاع العام السوداني، وعمل جنباً إلى جنب مع عبد العزيز عثمان، وهو الآخر كان إسلامي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وخلال إدارتهما للشركة، بيعت شركة موبيتيل (شقيقة لسوداتل) العامة بقيمة 1.3 مليار دولار. ووفقاً للجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال فإن موبتيل بيعت إلى شركة أجنبية (شركة زين الكويتية) بـ10 في المئة من قيمتها الأصلية. وبحسب اللجنة فإن الشركة الأجنبية كانت تحقق يومياً 5 ملايين دولار أرباحاً جراء هذا الاستحواذ. وبحسب اللجنة فإن أموال الصفقة استخدمت في استثمارات خارجية في غرب أفريقيا.
الإستثمار في غرب أفريقيا
تأسست شركة “إكسبرسو” في الإمارات العربية المتحدة في نوفمبر 2007. وبلغ رأس مالها 50.000.00 دولار أمريكي، وكانت تملك سوداتل 75% في المئة من أسهمها، فيما يظهر تقرير لـ”مركز دبي المالي العالمي” أنّ شركة “لاري كوم” هي الشريك الوحيد لسوداتل في شركة “إكسبرسو”. وظل عبد الباسط حمزة حتى 16 سبتمبر 2012، ضمن مديري الشركة المؤسسة في الإمارات، بحسب مستندات تأسيس الشركة. ووفقاً لتقرير سوداتل لعام 2010، فإن الغرض من إنشاء “إكسبرسو” جاء بهدف إدارة واستثمار العمليات الدولية للمجموعة، التي تركزت غرب أفريقيا. وبعد شهرين من إنشاء إكسبرسو، تولى عبد العزيز عثمان، القيادي في حزب المؤتمر الوطني في السودان، رئاسة مجلس إدارة سوداتل. وبعد شهر واحد من توليه منصبه، في فبراير 2008، تقدمت إكسبرسو، بحسب الوثائق المسربة، بطلب إلى مكتب المحاماة البنمي ALEMÁN, CORDERO, GALINDO & LEE لتسجيل شركة في جزر العذراء البريطانية تحمل الاسم ذاته لشركة لاري كوم المحدودة للاستثمار. وتوزعت أسهم هذه الشركة البالغة 50 ألف سهم بين كل من عبد الباسط حمزة وعبد العزيز عثمان. في الفترة ذاتها، تأسست في جزر العذراء البريطانية شبكة من الشركات المملوكة إلى سوداتل بشكل مباشر وغير مباشر، ويديرها مديرو سوداتل وإكسبرسو، خالد هاشم، وطارق حمزة زين العابدين، وطارق حمزة. وكانت لاري كوم هي الوحيدة في الشبكة المملوكة لأشخاص، عبد الباسط حمزة وعبد العزيز عثمان، وليس لشركات. قبل ذلك بعامين، أدرجت شركة سوداتل العامة وشركة رام التي تملكها لاري كوم المملوكة لـ”الزوايا” على قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية بدايةً من 2006 بناءً على القرار (رقم E.O. 13400) للمساهمة في الصراع في إقليم دارفور.
نيجيريا
بعدما تولى عثمان مجلس إدارة سوداتل في 2008، إشترت المجموعة في مطلع 2009، 50 في المئة أسهما إضافية من شركة “انترسيلولر نيجيريا العامة المحدودة”، وبالتالي أصبحت الشركة النيجيرية، وبحسب للتقرير المالي الصادر عن سوداتل في 2009، مملوكة بنسبة 70 في المئة من سوداتل، بصفقة بلغت قيمتها 60 مليون دولار. إلا أنه ومع نهاية العام، وبالتحديد في 31 ديسمبر 2009، باعت إكسبرسو التي تدير أصول سوداتل في الخارج 17.5 في المئة من أسهم سوداتل في الشركة النيجيرية إلى لاري كوم السودانيّة، لتنخفض حصة سوداتل إلى ما يقارب 52.5 في المئة. واعتباراً من 7 يناير 2010، باعت إكسبرسو 30 في المئة من حصة سوداتل في الشركة إلى لاري كوم مقابل 25.71 مليون دولار، وبربح 6.063 مليون دولار، وفقًا لتقرير الشركة المالي في 2010. وبهذا تراجعت حصة سوداتل في انترسيلولر نيجيريا إلى 30 في المئة فقط.
أثارت هذه الصفقة بمساهمي شركة سوداتل، إذ نشر المساهم السابق في الشركة أمين سيد أحمد رسالة نقلتها صحيفة “الأحداث” السودانية في 18 مايو 2011، بأن العجز العام لشركة سوداتل بلغ في القوائم المالية للشركة 189 مليون دولار عما كان عليه في 2009، وهذا يعني انخفاضاً في أموال المساهمين بلغ 264 مليون دولار في 2009 و2010. وجاء في رسالة أمين أن عثمان وقع على القوائم المالية في الشركة. ويرى أمين الذي يعد الخبير المالي والمصرفي، أن توقيع القوائم المالية من مسؤولية الإدارة التنفيذية قبل مجلس الإدارة. كما أثار أمين أن مدققي الحسابات التابعين لشركة “أرنست ويونغ” المستقلة في البحرين والذين سبق لهم تدقيق القوائم المالية للمجموعة في عام 2009، لم يقوموا بذلك عام 2010. ولاحظ أمين ورود اسم لاري كوم في عدد من الإيضاحات المكملة للقوائم المالية في عمليات بيع وشراء لأسهم شركات تابعة للمجموعة “سوداتل”، ومعاملات أخرى بملايين الدولارات، ويقول أمين أن المستفيد النهائي من صفقات بيع أسهم سوداتل لـ”لاري كوم” هي شركة الزوايا التي أسستها مجموعة مقربة من الرئيس السابق عمر البشير، ومنهم عبد الباسط حمزة وعبد العزيز عثمان. وبحسب لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد السودانيّة، كانت هناك علاقة بين الصفقات التي تمّت بين هذه الشركات والبشير. وذكرت في بيان لها إن: “إكسبرسو كانت تسيطر على كل هذه الأموال، ولم يعد منها إلى السودان إلا القليل جداً، وتمّ استثمارها خارج السودان لصالح عبد الباسط حمزة وآخرين وأسرة الرئيس المخلوع عمر البشير”.
علاقته بأسامة بن لادن
في 29 ديسمبر 2020 قام عبد الباسط حمزة، خلال محاكمته، بتحديد علاقته بزعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن.
وقال عبد الباسط أن ما جمعه “بالشيخ بن لادن” (على حد تعبيره) هي إشارة إبان التحاقه كضابط بالجيش بالقيادة العامة، وكلف من خلالها بمرافقة عدد من المهندسين العرب على متن طائرة لمعاينة طريق بالدمازين الذي يقوم بإنشائه أسامة بن لادن. وكشف المحقق في المحاكمة عن تقرير من جهاز المخابرات العامة للنائب العام يفيد بوجود شبهة فساد بخصوص تعاقد الحكومة مع شركة الزوايا لإنشاء طريق دنقلا أرقين.
وقال حمزة في التحريات إنه بدأ التجارة مع والده وامتهنها بعد التقاعد من الجيش، وذكر أن معظم أمواله وثروته تحصل عليها من أعمال الاتصالات.
في المقابل، نفى علاقته بالرئيس المعزول عمر البشير، أو أخوانه.
وقال إنه بعد تلقيه الإشارة والقيام بالرحلة، قام بعرض التقرير الهندسي للطريق لرئيس هيئة الأركان بالقيادة العامة آنذاك، وأوضح أنه كلف مرة أخرى بترحيل معدات إنشاء الطريق إلى الدمازين، مشيراً إلى أنه لا يعلم بأن بن لادن له ممتلكات ضخمة في الخرطوم والدمازين وغيرها. وأفاد أنه التقى أول مرة مع بن لادن، في مطار الخرطوم، عندها كان يعمل حمزة في الجيش بسلاح المهندسين، وتم تكليفه بمقابلة رجل الأعمال السعودي بن لادن، الذي تبرع بإنشاء طريق الدمازين، وبعدها تم عرض التقرير الهندسي للطريق المذكور.
وأضاف أنه على علاقة شخصية بأسامة بن لادن ولم تربطه معه أي علاقة إدارية، موضحاً أن أعلى رصيد مالي له في الخرطوم يبلغ (560) ألف دولار أما بالخارج فإنه يمتلك (100) ألف دولار في الشارقة، مردفاً إن جملة ثروته جاءت عن طريق عمله في الخارج عن طريق ضمانات شخصية وضمانات أخرى في مجال الاستثمار.
الإدانة والبراءة
بعد نجاح الثورة السودانية عام 2019 التي أطاحت بالرئيس عمر البشير، أصدرت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال السودانية قرارا بتجميد الأصول والحسابات البنكيّة لـ16 شركة وشخصيّة، من بينها شركة الزوايا، تأسست في 2002، والشركات التي تملكها: لاري كوم للاستثمار المحدودة، المؤسسة في العام نفسه، وشركة رام للطاقة المحدودة، المؤسسة في 2003، وجميعها شركات مملوكة لرجل الأعمال عبد الباسط حمزة أو تدار من قبله. ووفقاً للجنة ، فإن عبدالباسط حمزة: “بدأ ضابطًا صغيراً في القوات المسلحة، وهو ينتمي للحركة الإسلامية، وفي 1985 انضم لمنظومة العمل الخاص في التنظيم العسكري، وتمكن عبر عمله من الدخول في ملفات حساسة، وسيطر على أموال تقدر بأكثر 2 مليار دولار، وتحوّل في ليلة وضحاها إلى رجل أعمال كبير، وكان يعمل في إدارة العمليّات الخاصة، وكان يعمل أيضًا في عدة مرافق أخرى تتبع للقوات النظاميّة، ودخل قطاع الاتصالات وهو قطاع غني جداً”.[6] وفي أبريل 2021 قضت محكمة سودانية، بمعاقبة القيادي بحزب المؤتمر الوطني، ورجل الأعمال، عبد الباسط حمزة، بالسجن لمدة 10 سنوات، لإدانته في قضايا فساد.
وأصدرت الحكومة الإنتقالية في السودان، ضمن أول قراراتها في العام 2019، قرارا بحل حزب المؤتمر الوطني، ومصادرة دوره ومنع أنشطته.
وأدانت المحكمة المنعقدة بمحكمة جنايات الخرطوم وسط، برئاسة القاضي عبد اللطيف أحمد، عبد الباسط بـ “الثراء الحرام”.
وألحقت إدانات لحمزة تتصل بمخالفة قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب، ومخالفة قانون تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي.[7] وفي يوليو 2021، ألغت محكمة الاستئناف العقوبات القضائية الصادرة بحق عبد الباسط حمزة بعد أن أصدرت محكمة الموضوع حكمها بالسجن عشر سنوات والغرامة المالية.
وفي أكتوبر 2021، أيدت المحكمة العليا، قرار محكمة الاستئناف ببراءة رجل الأعمال عبد الباسط حمزة.
العقوبات
في 19 أكتوبر 2023، فَرضَ مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، عقوبات على 10 أعضاء رئيسين في حركة حماس الفلسطينية وعملائها، ومقدمي التسهيلات المالية للحركة، بينهم رجل الأعمال السوداني عبد الباسط حمزة، القيادي في الحركة الإسلامية السودانية الحاكمة على عهد الرئيس المخلوع عمر البشير.
وجاءت العقوبات الأمريكية على حمزة لتورطه في تقديم التمويل المالي لحركة حماس من خلال إدارة العديد من الشركات المتمركزة في السودان وهي ضمن محفظة استثمارات تتبع للحركة، حيث شارك في تحويل ما يقرب من 20 مليون دولار إلى حماس، بحسب وزارة الخزانة الأمريكية. وقال مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكي في بيان إن “حمزة سهّل الأموال لحماس من خلال شبكة من الشركات المتمركزة في السودان، والتي استخدمها لتبييض الأموال وتوليد الإيرادات لحماس، كما يرتبط حمزة بعلاقات طويلة الأمد بتمويل الإرهاب، بما في ذلك علاقات تاريخية بشركات مرتبطة بتنظيم القاعدة وأسامة بن لادن في السودان”.