بعد أن فتحت ثورة غصن الزيتون، وهبّة ديسمبر المجيدة مسارجاً للضوء، ومسارباً للنور، بعد ظلام الإنقاذ الحالك السواد، وبمثلما أنجبت هذه الأرض الثائرات والثوار، فقد أنجبت هذه الأرض المعطاءة رجلاً خرج من رحم الثورة الأبية، النقية، التقية، الفتية، خرج من مخاض النضال، وغياهب السجون والمعتقلات إلى رحاب وسوح الحرية والإنعتاق، خرج متأبطاً خيراً للإنسانية والخير والجمال، فكان مثل شجرة طيبة، تؤتي أكُلها كل حين على الفقراء والمساكين، والعاملين عليها، فكان العُرس بأن تم تعيين مولانا محمد عبدالله عثمان كرموش أميناً عاماً لمؤسسة الركن الثالث بفرمان من حمدوك، فكان الرجل خياراً من خيار..!
حطت أقدام كرموش أروقة الزكاة، والتحديات جمة، و المصاعب كبيرة،ولكن بعزيمة الرجال الفولاذية إستطاع مولانا كرموش خلال سنة ونيف أن يغيّر الصورة الذهنية للمجتمع السوداني والتي مفادها أن الزكاة تؤخد من الأغنياء وترد إلى الأغنياء وتصرف على العاملين عليها..!
بحنكة متناهية النظير إستطاع مولانا كرموش أن يزيل تلك الغشاوة من عيون وأبصار الشعب السوداني، بفضل سياساته الرشيدة، و الحكيمة، فطاف بنفسه السودان من أقصاه إلى أقصاه، مبشراً بالخيرات، ومغدقاً على الفقراء والمساكين والعاملين عليها، فصرف عليهم بسخاء من الله دون خشية إملاق، ودون من ولا أذى لهم، دون إسرافاً أو بداراً..!
تحضرني تلك الصورة الزاهية الشامخة والسامقة مع تلك الأم التي أحتضنته والدموع الثخينة تخرج من مآقيها جراء سنوات عجاف كان الناس يغاثون ويعصرون، فكان الوفاء لأهل العطاء حقاً لا تخالجه دعاوى الهالة الإعلامية والتشكيك في المسعى النبيل خدمة للإنسانية جمعاء..!
جاء كرموش حاملاً مشاعل التغيير والإصلاح، فكانت الزكاة مبنىً ومعنىً، مؤسسة رائدة، وذات تأريخ ضارب في جذور الخير والعطاء..!
مولانا كرموش أحدث نُقلة نوعية في مفاهيم العمل الإداري للزكاة، فكان عطاء من يملك لمن يستحق..!
جاء إنقلاب البرهان في الخامس والعشرين من إكتوبر، وصدر قراراً من قائد الإنقلاب قضى بإعفاء الأمين العام مولانا كرموش، في إطار سلسلة قراراته الإنقلابية وغير الشرعية، وغير الدستورية، فكان الرفض الرصين من مولانا أحمد عبدالله عثمان كرموش لقرار قائد الإنقلاب البرهان، وكتب له بمداد الإباء والكبرياء، والنضال، والرفض، فكان الرفض ثورة إندلعت من ديار الزكاة، فكان الرفض الرصين الحاسم والذي مفاده بأنه لا يعترف بقرارات البرهان، وأن تعيينه تم من رئيس وزراء حكومة شرعية ومعترفاً بها من الشعب السوداني، فكان الإعتقال التعسفي على غرار إعتقال الرفاق من الوزراء وقيادات الحرية والتغيير..!
تم تكليف الأستاذ إبراهيم موسى عيسى أميناً عاماً للديوان من قبل الديوان، وما أن تقلد الأمين العام المكلف لديوان الزكاة فظهر العسف الإداري، وغابت المهنية والمؤسسية عن ديار الديوان، ودونكم كشف التنقلات الذي إستهدف الموظفين الذين ساندوا وناصروا ثورة ديسمبر المجيدة والتغيير في الديوان، وأطل التمكين من جديد، ودونكم ترقيات الموظفين الذين أزالتهم لجنة التمكين بمعزل عن ترقية بقية الموظفين في إنتقائية جديدة في الديوان..!
في حقبة الأستاذ إبراهيم موسى عيسى شهد الديوان تراجعاً مريعاً جباية وصرفاً، فكانت المناطقية حاضرة في سياساته، وعدم وقوفه على مسافة واحدة من جميع السودانيين سيما في دعم الولايات التي تأثرت بالنزاعات القبلية والكوارث الطبيعية..!
أصدقكم القول سادتي القراء بأن الأمين المكلف تبنى مشاريع إستراتيجية للديوان غاية في الأهمية، وهو المكلف، على سبيل المثال الهيكل التنظيمي والوظيفي للعاملين، الذي لم يجنِ الديوان منه سوى التكاليف الباهظة التي أرهقت من كاهل الديوان..!
نتمنى أن تمضي هذه العملية السياسية نحو غاياتها في الحرية والسلام والعدالة، والتحول الديمقراطي الذي يفضي إلى الدولة المدنية التي ضحى من أجلها الشهداء، وأن يعود كرموش أميناً عاماً للديوان، ليكمل السيرة، ولتكون المسيرة القاصدة نحو الفقراء والمساكين والعاملين عليها، لأن بعودته يعود العطاء والسخاء والرخاء للفقراء والمساكين والعاملين عليها..!
2023/2/13