يمر إقليم النيل الأزرق بأزمة صراع قبلي بين مكونات السلطنة الزرقاء والهوسا، وراح ضحيتها الكثير من الأبرياء والضحايا، وألقت تلك الأحداث القبلية بظلال سالبة على التعايش السلمي ومزّقت النسيج الإجتماعي، وحالة من السيولة الأمنية وتطاير الرصاص فوق سماءها مخلفاً الذعر والخوف بين أواسط المواطنين وبث في نفوسهم الهلع، جراء إنفراط عقد الأمن والأمان في الإقليم.
خيّم الحزن على الجميع إزاء ذلك الإحتقان القبلي، فشهد الإقليم حالة من الغضب الشعبي تجاه حكومة الإقليم نظراً لتقصيرها في قتل الفتنة القبلية في وقتها، وطالب شعب النيل الأزرق صراحة بإقالة الحاكم وتعيين حاكماً جديداً للإقليم عله يداوي جراحات الماضي ويعيد السكينة للنيل الأزرق، وتم تقديم مذكرة من مواطني السلطنة الزرقاء لقيادة الفرقة الرابعة مشاه لذات الخصوص.
تحركت حكومة المركز وجرت مياه كثيرة تحت جسر الأزمة القبلية وتم تعيين قائداً لمنطقة النيل الأزرق العسكرية، و مديراً جديداً لشرطة الإقليم، أسهمت تلك الإجراءات في إعادة الهدوء والإستقرار وخفت صوت البارود، وغدت الحياة في النيل الأزرق أكثر إستقراراً من ذي قبل، ما خلا مناوشات المدينة ٦ والتي أدت إلى مقتل ثلاثة مواطنين بالمدينة( ٦) بمحافظة ودالماحي.
في منتصف يناير الماضي زار قائد الإنقلاب البرهان النيل الأزرق مشاركاً القوات المسلحة إحتفالها بعيد الرماية السنوي، وعلى هامش زيارته زار منطقة أولو لإنفاذ الترتيبات الأمنية، وشهد توقيع إتفاقاً إطارياً بين مكونات الفونج وقبيلة الهوسا في محاولة منه إلى إعادة الإستقرار المجتمعي والتعايش السلمي بين مكونات الإقليم، ورتق النسيج الإجتماعي.
هذا الإتفاق الإطاري حتى يغدو نافذاً على حكومة المركز تعيين حاكماً جديداً يحظى بقبول واسع من مكونات الإقليم، أعتقد هذا هو الشرط الحاسم والضروري حتى يعم الإستقرار المجتمعي في الإقليم، فالحاكم أحمد العمدة بات غير مرغوباً فيه، لجهة تقصيره إزاء تلك الأحداث القبلية التي دارت في الإقليم، كذلك على حكومة المركز إقامة الورش والندوات بغية توعية المجتمع بأهمية التعايش السلمي ونبذ خطاب الكراهية والعنصرية، عبر نافذة وآلية الإدارة الأهلية وشباب الإقليم الواعي والمستنير لكي يخرج الإقليم من وهدته ونفقه المظلم..!
المحافظون الجدد الذين تم تعيينهم في اليومين الماضيين لمحافظتي ودالماحي وقيسان، يقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة وجمة في هذا الظرف الدقيق والحرج الذي يمر به الإقليم، عليهم إجتراح الرؤى والأفكار التي من شأنها أن تسهم في تعزيز الأمن والأمان بين المواطنين في المحافظتين.
إطلاق سراح الناشطين السياسيين في الإقليم،على غرار إطلاق الرفيق علي هجو، سيسهم في عملية رتق النسيج الإجتماعي والتعايش السلمي، والعمل بروح القانون غاية الأهمية يا قائد المنطقة العسكرية اللواء دكتور ربيع بمثابة بذرة إستقرار في الإقليم..!
شعب النيل الأزرق قادراً على تجاوز هذه المحنة، وعليه أن يتجاسر فوق جراحاته بغية عودة النيل الأزرق إلى سابق عهدها المشرق في التعايش السلمي، لأنها تمثل بوتقة إنصهار وسوداناً مصغراً..!
2023/2/10م