دولة المتناقضات..!
إبان دراستنا الجامعية في كلية الدراسات الإقتصادية والإجتماعية في جامعة الخرطوم سيما دراستنا في نظريات علم الإجتماع والأنثربولوجيا أتذكر مقولة مفادها عقلانية الشئ تتضح من خلال تناقضاته.. بالأحرى إذا أردت معرفة الحقيقة وسبر غورها عليك معرفة تناقضاتها لتصل إلى كنه الأشياء والحقيقة المجردة.. فالسودان بلد التناقضات والمتناقضات تذهب الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية لأجل حوار سوداني سوداني برعاية كريمة من سيسي مصر وهم الذين شنفوا آذاننا وصدعوا رؤوسنا بعدم التدخل الدولي وأن يكون الحوار سودانياً محضاً دون وصاية من أحد.. وما فئت الكتلة الديمقراطية تتحدث عن عملاء السفارات في إشارة منها لقادة الحرية والتغيير المجلس المركزي وفي ذات الوقت هم من طفقوا وصرحوا بأن أية عملية سياسية لا تحظَ بدعم مصر لن تكلل مساعيها بالنجاح.. وبعضهم من صرّح صراحةً بإنضمام إقليم ثغر السودان الحبيب إلى دولة مصر حالما لم تحقق مطالب الشرق..!
تارة أخرى يصرح البرهان بأن لا مضي في العملية السياسية مع جهة واحدة.. وعلى النقيض يصرّح نائبه حميدتي بأنهم ماضون في إستكمال العملية السياسية ولا رجعة للوراء وأن الإتفاق الإطاري يمثل كوة ضوء في نفق السودان المظلم..!
حقاً أصابنا الجنون جراء تعقيدات المشهد السياسي السوداني وصار السودانيون في حيرة من أمرهم وباتوا نهباً لمغالطات الواقع والتناقضات التي تعج بها الساحة السياسية في البلاد إتفق الساسة السودانيون على ألا يتفقوا على الحد الأدنى من التوافق الوطني..!
والشعب السوداني يقاوم صروف الدهر ونائبات الليالي حيث الجوع يحاصر بطونهم ويضربون فجاج الأرض بحثاً عن لقمة العيش.. حالة من التجاذب والتشاكس بين الفرقاء السياسيين ربما تقود البلاد إلى حافة السقوط وشبح الإنهيار وإلى أتون حرب أهلية لا تبقي ولا تذر!
ما برح البرهان الإنقلابي من تصريحاته بين اللحظة والأخرى فالرجل يستغل أي حشد جماهيري ليصرح في الشأن السياسي تارة هو مع العملية السياسية وتارة أخرى ضدها عندما يجتمع مع قادة الجيش فهو لن يسلم السلطة إلى حكومة مدنية ديمقراطية وعندما يجالس المجتمع الدولي فهو داعم للتحول المدني الديمقراطي.. حالة تذاكي غريبة ورمادية مقيتة يمارسها على الشعب السوداني.. لكن الشئ من معدنه لا يستغرب فهو البرهان الذي عرفناهو بفض إعتصام القيادة العامة وهو الذي تعهد بحمايته من أية خطر داهم فشهدنا مجزرة بحق الإنسانية أمام قيادة الجيش.. وهو الذي إلتزم بحماية الفترة الإنتقالية وصولاً إلى إنتخابات حرة نزيهة.. وهو الذي قطع الطريق أمام التحول الديمقراطي بإنقلاب الخامس والعشرين من إكتوبر.. هو البرهان الذي فتح شوارع القصر الجمهوري في خرطوم اللاءات الثلاث لقادة الكيان الإسرائيلي الصهيوني المغتصب والذي سحل وقتل الشعب الفلسطينى الأبي ولا يزال يقتله بالليل وأطراف النهار والبرهان يستقبلهم إستقبال الفاتحين!
البرهان من الذي فوضوك من الشعب السوداني للتوقيع على مثل هكذا إتفاقات.. وهل أنت وصياً على الشعب لتبرم مثل هكذا إتفاقيات مستنكرة من الشعب السوداني!؟
وماهي الجهة التشريعية التي أعطتك الضوء الأخضر لكي تقرر للملايين من الشعب السوداني في مصيرهم مع التطبيع مع إسرائيل الغادرة المغتصبة..!؟
أئمة المساجد لاذوا فراراً كما توقعنا ما خلا قلة منهم قالوا الحق دون خشية لائم..!
التيار الإسلامي العريض الذي ملأ الدنيا وشغل الناس عن سيادة السودان ولا للتدخل الأجنبي أين المسيرات الحاشدة التي كانت تطوق الخرطوم من أقصاها إلى أقصاها ألا ترغبون في دخول الجنة وتدافعون عن القضية الفلسطينية المحتلة! أم أنكم تخشون بطش سلطان جائر.. أين هشام الشواني الفتى الغرير الأرعن الذي يتحدث ملء شدقيه ومنفوخ الأوداج في القنوات الفضائية تسللت لواذاً نحو الصمت المطبق!
مجمع الفقه الإسلامي أو بالأحرى مجمع السلطان.. فتاوى حسب حاجة السلطان.. أقر بشرعية التطبيع لطالما هناك ما ينفع الناس والعباد.. هو السلطان صنوان.. لا يعرف للحق طريقاً بل يعرف مزالق التطبيل الأجوف وفي طاعة الحاكم وإن تسلط وتكبر على الناس والعباد..!
السودان بلد العجائب والغرائب.. يا للهول..!
2023/2/4