رأي

فكي جبرين .. ضُعف الطالب والمطلوب..!

 

بعد عامين من عمر إتفاق سلام جوبا فكر وقدر وقرر فكي جبرين زيارة دارفور.. فالرجل غرِق في وحل الدعة والنعمة وتنفس هواء القصور الباردة وتنسم نسمات وظلال المالية الوارفة.. بعد سنتين تذكر فكي جبرين بأن هناك بلدة تسمى دارفور الناس هناك يغاثون ويعصرون.. يلوذون هرباً وفراراً من أصوات البندقية والمدافع نحو جبال تعصمهم منها.. وتقيهم من شر مستطير قد يحاك بذويهم وأطفالهم..!

هل تدري يا فكي جبرين أن الناس في دارفور يدقون الصخرة لتخرج لهم كفاف قمحاً ودخناً عوضاً من إنتظار دعومات وفتات إتفاقية جوبا المزعومة..!

فكي جبرين الناس في دارفور يفترشون ويبيعون تراب الأرض بحثاً عن لقمة العيش وما بهم من جوع وظمأ..! وأنت تأكل أشهى الموائد وما لذ وطاب وكأنك في جنات الفردوس وتسكن في قصور مخملية تضاهي قصر بلقيس..!

ولكن نحن جئناك من سبأ بنبأ مفاده أن النازحين في دارفور الجريحة المكلومة الصابرة الصامدة كأشجارها التي تقف شامخة ولا تخشى هبوبها ورياحها الصرصر..!

النازحون يموتون جوعاً ويلبسون ورق الشجر ريشاً لهم تقيهم هجير الشمس لكنهم لهم عزاءً من فيتوري أفريقيا الكبرى غمرتهم بالحرارات الشموس شمساً تشرق لهم في أودية الصبر الجميل والسلوان..!

فكي جبرين الناس في دارفور فاقوا أيوب صبراً وقالت لي الهدهد أن عهد الرسالات والرسل قد مضى.. ولكنّهم ينتظرون رسولاً من الإنسانية يكون لهم طوق نجاة من تغافل فكي جبرين ومناوي..!

فكي جبرين أمهاتنا في دارفور يغلين حجارة من جبل مرة بغية إيهام صغارهم بأن ثمة وجبة تطبخ على رماد وليس ناراً.. فينامون في أحضانهن ويغشاهم الناس آمنة من ربهم وينسون مخمصة بطونهم الجوعى وأنت تتبول على النار خشية وبخلاً من أن تطعمهم وتجود عليهم من فتات القصور والموائد..!

ليتك يا فكي جبرين تنذر للرحمن صوماً كمريم العذراء في محرابها.. لكنك تتفوه وتتذاكى على البسطاء والفقراء وتؤذن في مالطا قضايا التهميش والنازحين وتتخذهم في بحر أطماع السلطة وبريقها الزائف سرباً لتحقيق مصالحك الذاتية ونهمك الذي لا يطاق منهم..!

فكي جبرين ضُعف الطالب والمطلوب تزعم أنك من رسل السلام وأنت من أوقدت نار الإنقلاب فصار السودانيون هشيماً تذروهم الرياح وبتنا نقلب كفيك على ما أنفقت على السودانيين فوجدناها خاوية على عروش الفتن والإحن والمسغبة وشظف العيش..! إمتئلت القبور بالشهداء الأخيار.. ونُصبت صيوانات العزاء على شرفات الطرقات فكان موت الوطن ليحيا أعداء الوطن..!

فكي جبرين النازحين يشربون صيب السماء فكان صيباً نافعاً.. ولكن أن تعلم أن فصول السنة أربعة ولكن فصلهم الخامس العطش والصدى والظمأ وأنت تنهل من فرات عذب غير آبه بهم..!

فكي جبرين ماذا كنت تتوقع غير تلك الطردة في نيالا الحبيبة من مواطنيها..!

فكي جبرين مضى عهد الحشد وإستمالة الناس تلك حضارة سادت وبادت بأمر أهل نيالا الشرفاء تريد أن تتاجر بأحلامهم في سوق نخاسة السياسة فأهل دارفور أكثر وعياً من تنطلي عليهم هكذا حشود مدفوعة الثمن..!

أما كان الأجدر بك أن تنفق تلك الأموال دواءً للمرضى الذين يتعالجون من بلسم الروح وأعشاباً من شجرها الوارفة الظلال
فكي جبرين ضُعف الطالب والمطلوب..!

21/1/2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى