رأي

صرخة عبدالعال السيد..عندما يفقد الشاعر ذكرياته مع رياح السنين !!

شاعر (انت المهم) و (من بعد ما عزّ المزار ) يرثي راهن الحال وأصدقاء ابعدتهم السنون .

بقلم : محمد أحمد الدويخ

ذكرياتنا تتجدد :

لطائف خالدة يوثقها الكُتاب والمبدعون على حساباتهم الاسفيرية الخاصة في عصف ذهني ومواقف انجبتها الايام ، وذاكرة السنوات الخوالي ، استلف منها مقالة الشاعر والكاتب الصحفي الكبير عبدالعال السيد والتي جاءات بعنوان :
(آه يا قلبي آه ..) والتي سكب عليها إهاب المصداقية المُرة
على راهن البلد وتفرق الاحباب بالمهاجر البعيد وهجرتهم داخل الوطن .

لا يتوفر وصف.

علاقة مع صاحب الصرخة :

قبل استعراض تلك المقالة كان لابد من اضاءة مهمة عن علاقتي المهنية مع الاستاذ عبدالعال السيد كونه كاتبا صحفيا ، كانت لي معه مسارات وشواهد كتابية ساعتئذٍ ..فقد جمعنا منبر جريدة آخرلحظة (الماهل) (2006 _ 2010.م) في حضرة الراحلين الافذاذ الأساتذة :
حسن ساتي ومؤمن الغالي وهاشم عثمان ..بجانب الاعلام المؤسسين الاستاذ مصطفى ابو العزائم والاستاذ الهندي عز الدين وآخرين وضعوا لبنات تلك المؤسسة الاعلامية (الاسرة).

لا يتوفر وصف.

اذكر جيدا تلك المقالة التي كتبها عني صاحب عمود (صرخة) عبدالعال السيد تعقيبا عن مقالة كتبتها شخصي
عن الفنان الجنوب سوداني الشاب شول منوت بعنوان :
منوت يعزف على وترين من الحماس
وهو يعمل على تجسير الفن ودوره بالمجتمع وتفعيل راهن الحراكي الابداعي والسياسي معا ، وذلك عندما غني بقاعة الصداقة ذلك الصبي الصداح بالخرطوم وبعدها بأيام فقط غرّد منوت بقاعة مركز نيكرون
بمدينة جوبا عاصمة جنوب السودان بعد الانفصال ..
عبدالعال السيد كاتب ذكي الفكرة وصاحب مفردات خفيفة الظل مريحة كثوب (الشيفون) و شاعر شفيف يدثره الحياء والادب الرفيع ، ومواقفه الاجتماعية تصدق اشعاره الباذخة
اذكر حادثة اجتماعية طريفة كانت بطلتها سيدة تشاجرت مع زوجها بسبب اغنية (انت المهم) للشاعر عبدالعال السيد وهي اروع ما غني ترباس سيد الغنا الشعبي بالسودان والعمة الارفع :
حدث ذلك عندما طلبت السيدة من الفنان ترباس اغنية (أنت المهم) وكان ذلك في حضور زوجها الذي احتج في غضب وطلب من زوجته توضيح صاحب الضمير (انت) الذي تريد الزوج ان تؤكد انه المهم في وجود زوجها وكاد ان يؤدي ذلك الى فراغ وطلاق بين الزوجين غير ان تدخل الشاعر عبدالعال السيد مع ترباس وتعهدهما بكتابة نص خاص بالزوجين موضع الخلاف وضع الزوجين في حالة استقرار وقناعة كاملين لا تفصل بينهما المعاني الرمزية للغناء والاشعار .

لا يتوفر وصف.

انت المهم ..من بعد ما عزّ المزار :

تُعد مسيرة الشاعر والكاتب عبدالعال السيد حافلة بالعطاء الابداعي الذاخر ابرزها تجربته الغنائية الباذخة مع الفنان مصطفى سيد احمد في أُغنية :
ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻋﺰ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭ
ﻭﺍﻟﻠﻴﻞ ﺳِﻬﺎ .. ﻭﻣﻠّﺖ ﻧﺠﻮﻣﻮ ﺍﻹﻧﺘﻈﺎﺭ
ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ ﺷِﺮِﺏ ﺣُﺰﻥ ﺍﻟﻤﻮﺍﻭﻳﻞ
ﻭﺇﻧﺠﺮﺡ ﺧﺎﻃﺮ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ..
ﻭﺑﻘﻴﺖ ﺃﻋﺎﻳﻦ ﻓﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ..
ﻭﺃﺳﺄﻝ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺰﺣﺎﻡ ..ﻗُﺒـّﺎﻝ ﺃﺗﻮﻩ
ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻻﻗﻰ ﺍﻟﺒﺸﺒﻬﻚ ..ﻣﺎ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺑﺮﺍﺡ
ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ .. ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻴﻨﺪﻫﻚ ..
ﺷﺎﻳﻼﻫﻮ ﻭﻳﻦ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﻣﻌﺎﻙ ..
ﻋﺼﻔﻮﺭﺓ ﺟﻨﺤﺎﺗﺎ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ .. ﻭﺃﻧﺎ ﺑﻰ ﻭﺭﺍﻙ
ﺑﺴﺄﻝ ﻋﻠﻴﻜﻰ ﻣُﺪﻥ ﻣُﺪﻥ ..
ﻭﺃﻋﺼﺮ ﺳﻼﻓﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺣُﺰﻥ ..
ﺑﺴﺄﻝ ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻨﻔﻰ ﻓﻰ ﻣﺮﻓﺎ ﺍﻟﺴُﻔﻦ
ﻳﻤﻜﻦ ﻃﻴﻮﻓﻚ ﺃُﺧﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺗﻤُﺮ ..
ﺗﻤﻼ ﺍﻟﺒﺮﺍﺣﺎﺕ ﻟﻰ ﺍﻟﺤﺰﻳﻦ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻌُﻤﺮ
ﻣﺎ ﻧﺤﻨﺎ ﺑﻴﻨﺎ ﺍﻷﻣﻨﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ..
ﺑﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﺰﺍﺕ ﻭﺍﻟﻌﺬﺍﺑﺎﺕ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .
ﺑﻴﻨﺎ ﺍﻟﻬﻮﻯ..ﺇﺧﻼﺹ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﺇﻧﻜﻮﻯ
ﻭﻛﻼﻡ ﻗﺪﻳﻢ ..ﻗﻠﻨﺎﻫﻮ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺳﻮﺍ
ﺇﻧﻮ ﺭﺍﺡ ﻧﺘﻼﻗﻰ ﻟﻮ ﻃﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﻯ ..
ﻟﻜﻦ ﻛﻼﻣﻨﺎ ﺍﻟﻜﺎﻥ ﻭﻛﺎﻥ ..
ﺧﺎﻳﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﺎﻟﻮ ﺍﻟﻬﻮﺍ

بجانب تجربته مع الفنان الشعبي الابرز كمال ترباس في اغنية :
انت المهم والناس جميع ما تهمنى ..
انا ليك وبيك ..متاع عيونك ومشتهيك ..
مهما تجور لا بقسى لا بحمل عليك ..
لأنك انت تهمنى ..وخايف افوت والسكة بيك ماتلمنى..
انت المهم والناس جميع ما تهمنى ..
قول لىا قول .. يا اغلى زول ..خلى الحزن يرحل يزول
ورينى وين درب الوصول.. انا لسه تايه دُلنى ..
خايف افوت والسكة بيك ما تلمنى ..
جيتك شعاع ..نجمة وشراع .. نسينى يا عمرى الضياع..
لو كنت جد بتعزنى ..خايف افوت والسكة بيك ما تلمنى..
انت المهم والناس جميع ماتهمنى..
انت الوداد .. نبض الفؤاد ..بستان نضير ..وصفا وعبير ..
جمال رهيب ..ودلال عجيب ..ريّح شقايا وجمّنى ..
انت العزيز .. افرد شراعك وضمنى .. خايف افوت ..
والسكة بيك ما تلمنى ..

كما له تجارب شعرية وفنية والحان
مع عدد من الاصوات الغنائية والملحنين.

عبدالعال السيد يتذكر ..
آه يا قلبي آه

منذ العام 2015، حدث طلاق بائن بيني وبين بريدي الالكتروني،ودعته ذات مساء ناهض على عتبة الصمت، وارتبطت بوسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، قبل أيام أشتعل الحنين في قلبي المكسور، وفتحت بريدي،فوجدته متخم بنحو 30 ألف رسالة، ركضت في تضاريسه وجدت بعض الرسائل من أحبه وأصدقاء غابوا في مجاهل الحياة ، وفقدت عناوينهم، دمعت عيني على حاله، سألت السطور المهجورة أين عبد الواحد الياس أين رشيدة وأماني وشجن أحمد وآلاف الأحبة الذين كانوا يتواصلون معي، عندها وقفت عند حافة البكاء، وسرت في القلب غصة ، غصة على فقد الأحبة، سألت شوارع الحزن عن وجوه الغائبين، رفعت عقيرتي بالصياح، فعاد الصدى يرتدي جلباب اللاشيء.

لا يتوفر وصف.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فحسب بل قبل أيام دهمتني حالة من الحنين والجنون معا ، عندما تداهمك موجة الجنون والحنين المفرط تركض حافيا في دروب الماضي ، تجلس على طاولة الهم تحتسي قهوتك المرة مثل بحار خذله البحر ونامت في دفاتره بقايا الملح ، بدأت أبحث في دفاتري القديمة ، عن أرقام أصدقاء وأحبة هاجروا إلى بلاد الله الواسعة ، هربوا من شوارع الأمس بحثا عن ملاذات تلم شتاتهم ، تبحث عن أرقامهم وتكتشف أن دفاتر الأرقام راحت مع الأيام وتلاشت مع تطبيقات آخر تقنيات وسائل التواصل الاجتماعي تبحث عن رقم هاتف الدكتور عبد الرحيم عبد الحليم ، تحاول إجهاد ذاكرتك الخربة مثل غربال الزمن وتعود بخفي حنين من رحلة البحث المضنية ، تبحث في قاع الذاكرة مرة أخرى يآآآآآآآآ الله تطلق آهة من أقاصي القلب بعض الأشخاص لا تدري أين ذهبوا، تشعر بالحنين إلى الكثيرين منهم تسأل عن عناوينهم ، أرقام جولاتهم ، تكتشف أن ذاكرتك أصبحت رملية تفتقد الكثير من الذكريات ، صارت تعاني من جرثومة النسيان ، بعض الأشخاص المسجلين في دفاترك القديمة لا تدري من هم أصلا ومتى وكيف التقيت بهم وكيف كانت ظروف ذلك اللقاء ؟ إنها معادلة غريبة تفقد العقل توازنه ، تشعر بشيء من الابتهاج حينما تجد أرقام تلفونات صديقنا الشاعر الجميل عزمي احمد خليل – رحمه الله – ، احد هذه الأرقام لمنزله في شارع الحجاز بالرياض ، يووووووه من تلك الأيام لا زلت تتذكر تفاصيل ذلك البيت ، كانت هناك نخلة تشمخ في الساحة التي أمامه ، وثمة رقم آخر، ، لعزمي في الدمام حينما كان محررا بمجلة الشرق ، ورقم ثالث في منزل بحي الكندرة في عروس البحر الأحمر جدة ورقم رابع وأخير حينما كان عزمي يسكن في زقاق ضيق بحي الهنداوية بجدة ، تمسك بموبايلك تتصل بجميع تلك الارقام ، يأتيك الصدى ، ترن تترن، تتأكد لحظتها انك لم تفقد احبتك فحسب، وانما فقدت عقلك في رياح السنين، ما يفرق ياناس فقدت عقلي ولكن في المقابل نجد أن السودان فقد كل شيء وأصبح في دائرة اللاشيء لأن السلطة عايزه كده روحوا جاكم الهم!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى