الخرطوم : البلاد
لم يكن العام المنصرة 2022م بعيداً عن الأعوام الثلاث التي سبقته فمنذ نهاية العام 2018 وبداية العام 2019م، كانت الثورة السودانية مشتعلة لم يخب لهيبها سقوط النظام البائد في 11 أبريل 2019م فقد ظل الثوار ممسكين بجذوة نضالهم لتكون الثورة حية وفي بالهم “الجمرة بتحرق الواطيها” و”ما حك جلدك مثل ظفرك”، فكان أن ظلت تقابة الثورة مشتعلة تضيء لهم عتمات محاولات وأد ثورتهم الفتية، بيد أن العام المنصرم 2022 كان أكثر أعوام الثورة تحدياً لقيمها وأهدافها، فبعد أن باغت العسكر وليد الانتقال بطعنة غادرة في نهاية 2021م وجد الثوار أنفسهم في مواجهة جديدة مع دكتاتورية تنمو على بقايا النظام البائد، فكانت المواجهات التي ما فتئت تنتظم فعالياتها الشارع حتى أمس الأول، وظل الحراك الثوري متحركاً في محطات مهيبة طوال العام تستحق أن يدونها التاريخ.
أول مليونية
رغم أن شباب الثورة أنهوا العام قبل الماضي بمليونية 31 ديسمبر إلا أنهم افتتحوا العام المنصرم أيضاً بمليونية تزامنت مع احتفالات البلاد بعيد الاستقلال، وكانت التظاهرات قد خرجت من عدد كبير من مدن السودان المختلفة، غير أن أكثرها تأثيراً كانت تظاهرات مدن الخرطوم والتي واجهتها السلطات بعسف وعنف كبير، أفضى لارتقاء شهداء وجرح العشرات ما منح الثوار الوقود للتحرك السلمي ضد الانقلاب طوال شهر يناير الذي شهد أكثر من 17 مليونية وتظاهرة، وفق جدول لجان المقاومة تنوعت ضمن العمل الثوري ما بين المليونيات و”الغنجات” والمواكب الدعائبة والإضرابات وغيرها من أدوات العمل الثوري المتنوعة.
تظاهرات
وخلال العالم 2022 سيرت لجان المقاومة في جميع أنحاء السودان ما يزيد عن 550 فعالية ثورية كان المعلن عنها وفق جداول التصعيد الثوري للجان المقاومة أكثر من 96 مليونية، في الخرطوم وحدها وزعت على أشهر العام بينما شهدت الولايات خاصة ولاية الجزيرة تظاهرات متعددة فاقت الـ40 مليونية، وشهد العام أكثر من 150 تظاهرة مفاجئة “غنجة” فضلاً عن فعاليات ثورية متعددة شملت الإضرابات والعصيان وإغلاق الأسواق. واللافت أن جميع السودانيين تفاعلوا بشكل كبير مع جداول العمل الثوري، وشهدت أسواق مدن مختلفة إغلاقاً تاماً ضمن جداول الإضرابات.
مواكب بارزة
ومن أبرز المواكب التي شهدها العام المنصرم كانت مليونية 6 أبريل التي عمت جميع أرجاء البلاد، فضلاً عن مليونية إحياء ذكرى مجزرة القيادة العامة ٢٩ رمضان التي قامت بأمر لجان المقاومة في 30 أبريل، بالإضافة لموكب 13 مارس الذي وصل لتخوم القصر الجمهوري، فضلاً عن عدد من المواكب كادت أن تصل للقصر الجمهوري، لولا العنف الكبير الذي واجهته بها القوات النظامية.
عنف ومواجهات
وخلال العام المنصرم واجهت القوات النظامية المتظاهرين السلميين بعنف بارز مستخدمة جميع أنواع الأسلحة المتنوعة، ما بين الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية والرصاص المطاطي والرصاص الحي وقنابل الأوبلن وسلاح الخرطوش ومدافع المياه الآسنة، واستخدام العربات لدهس المتظاهرين فكان أن ارتقت نتيجة العنف الزائد أرواح (72) من الثوار شهداء فداء للوطن. بينما أحصت لجنة الأطباء المركزية أكثر من 4 آلاف مصاب بين الثوار بحسب تقارير ظلت تصدرها اللجنة ، فيما عمدت السلطات الأمنية على اعتقال وتوقيف عدد كبير من الثوار تم تقديم بعضهم لمحاكمات، فيما لا تزال محاكم بعضهم مستمرة خاصة المتهمين بقتل العميد شرطة علي بريمة والمتهمين بقتل رقيب الاستخبارات.
شهداء
ونتيجة العنف البائن من القوات النظامية تجاه الثوار كان أن بدأ العام 2022م باستشهاد عضو لجان مقاومة أمدرمان المهندسين عباس طه الشهير بـ(الروسي) والذي استشهد بطلق ناري مباشر في البطن، كأول شهيد في العام الماضي حيث تلقى طلقاً نارياً بمنطقة بانت بأمدرمان نهار يوم 1 يناير 2022م ليعقبه في اليوم التالي 2 يناير، استشهاد كل من حسام الدين آدم خير السيد وساري مأمون أحمد يوسف، وصلاح محمد جاد الله وفي 6 يناير استشهد كل من توفيق يعقوب إبراهيم وأوهاج طه الطيب ومحمد حافظ محمد آدم وفي 9 يناير استشهد كل من علاء الدين عادل وعلي حب الدين، واستشهد العصوم بالله عاصم يوم 10 يناير واستشهد الريح محمد في 12 يناير بينما مثل يوم 17 يناير مجزرة نفذتها القوات الامنية اذ استشهد كل من مضوي ضياء الدين وسراج عبد الله واسحق آدم هرون وعثمان عبد الله الشريف، والحاج مالك الحاج، ومحمد نور “بيشو” وحسن ابراهيم فيما استشهد يوم 19 يناير جون شول كوال واستشهد محمد فيصل شعيرية في ود مدني يوم 21 يناير بينما نفذت القوات الأمنية مجزرة أخرى في 24 يناير استشهد فيها كل من قاسم محمد ومحمد عامر عليش وثابت معاوية، وفي 26 يناير استشهد أحمد عبد المنعم واستشهد حسن مختار الشفيع يوم 27 يناير واستشهد معاوية يوسف إسماعيل يوم 30 يناير.
ولم تتوقف مليونيات الشعب الثائر الرافضة للانقلاب العسكري بنهاية يناير بل استمرت طوال العام، بينما استمرت آلة القتل العسكرية كذلك لتحصد أرواح 44 شهيداً آخرين وآلاف الجرحى خلال العام، بينهم عدد من الأطفال أبرزهم الطفلة روان طارق الياس البالغة من العمر 5 سنوات، والتي دهستها عربة شرطة بمنطقة الكلاكلة في السابع من يونيو الماضي.