“بين الأمل والمخاوف: الإجلاء من الفاشر في ظل الحصار المستعر”

تقرير : الكاظم هـرون
مع تزايد الأوضاع الإنسانية الصعبة في مدينة الفاشر، التي تشهد صراعاً عنيفاً، انطلقت عمليات الإجلاء المنظمة للمدنيين لتخفيف معاناتهم وضمان سلامتهم. في هذه الظروف التي تعيشها المدينة، تواصل فرق الإغاثة جهودها في توفير وسائل النقل، المواد الغذائية، والخيام لإيواء الأسر التي تفر من جحيم الحرب، هذه العمليات، التي تتم برعاية منظمات وطنية ودولية، تهدف إلى تأمين من قبل قوات الدعم السريع وحركة جيش تحرير السودان المجلس الإنتقالي ممرات آمنة للمدنيين الراغبين في الخروج من مناطق الخطر.
تكامل الجهود لحماية المدنيين
تسعى فرق الإغاثة لتوفير الدعم الضروري بشكل سريع وفعال، حيث يتم نقل المدنيين من مدينة الفاشر إلى مناطق آمنة مثل كورما وطويلة، هذه العملية لا تقتصر على تقديم المساعدات الإنسانية فحسب، بل تشمل أيضاً ضمانات أمنية من قوات الدعم السريع وبالتعاون مع جيش تحرير السودان المجلس الإنتقالي لتأمين نقل المدنيين وضمان وصولهم إلى أماكنهم الجديدة دون التعرض للخطر.
وتُعتبر هذه الجهود جزءاً من مسؤولية جماعية تهدف إلى حماية المدنيين في ظل الصراع الدائر، وقد أثنى العديد من المعنيين على حسن التنظيم والاحترافية التي تم بها إتمام هذه العملية، مؤكدين أن السلامة والأمن المدنيين يمثلان أولوية قصوى في مثل هذه الأوقات العصيبة.
من جهة أخرى: دعوات للتمسك بالبقاء
على الرغم من النجاحات التي تحققت في عملية الإجلاء، هناك أصوات متضاربة، حيث يصر مني أركو مناوي، قائد حركة تحرير السودان، على دعوة المواطنين في الفاشر للبقاء في المدينة، رغُم خطورة الوضع، في وقتٍ تعلم فيه هذه الشخصيات السياسية تمامًا أن بقاء المدنيين في المدينة يعني تحويلهم إلى دروع بشرية، تستخدمهم أطراف الصراع لخدمة أهدافهم السياسية.
مناوي، الذي يعتبر من أبرز الشخصيات السياسية في دارفور، يواجه إنتقادات حادة بسبب دعوته للبقاء في المدينة التي أضحت ساحة حرب، ويرى المنتقدون أن هذه الدعوات لا تخدم سوى مصالح حزبية ضيقة، على حساب أرواح المدنيين الأبرياء الذين أصبحوا يواجهون مصيراً مجهولاً بسبب استمرار العنف في المدينة.
المسؤولية المشتركة للأطراف السياسية
من جهة أخرى، تتحمل الأطراف السياسية، وخاصة مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم، المسؤولية المباشرة في إشعال الحرب في الفاشر، إذ أن تحالفهم مع الجيش والمليشيات المسلحة أسهم في نقل المعركة إلى داخل المدينة، التي كانت تعد في السابق مركزاً حضارياً وإقتصادياً في قلب دارفور، وقد تسببت هذه التحالفات في إشعال فتيل الأزمات الإجتماعية والإنسانية التي تعاني منها المدينة الآن.
إن استخدام المدينة كمنصة لتمرير الأجندات العسكرية والسياسية أدى إلى تدمير البنية التحتية، وتسبب في نزوح جماعي للمدنيين الذين لم يكن لهم أي دور في النزاع القائم، الأمر الذي يستدعي مساءلة هؤلاء القادة عن قراراتهم التي أسفرت عن هذه المآسي الإنسانية.
تصريحات الحكومة السودانية
في ظل هذه الظروف، طالبت الحكومة السودانية مراراً بتدخل الأمم المتحدة وفرض ضغوط على أطراف النزاع، خاصة قوات الدعم السريع، لتوفير ممرات آمنة للمدنيين، وقد أكد عضو مجلس السيادة، إبراهيم جابر، في تصريحات له خلال لقائه بممثلين عن وكالات الأمم المتحدة، ضرورة الضغط على جميع الأطراف لوقف القتال والسماح بتسهيل عمليات الإجلاء للمدنيين.
كما تم نقل المدنيين إلى مناطق أكثر أماناً برعاية منظمات إغاثية وطنية ودولية، وهو ما يعكس ألتزام الحكومة السودانية بتوفير الدعم الإنساني وإيجاد حلول للمعاناة المستمرة، ومع ذلك، تظل هناك تحديات كبرى في تنفيذ هذه الجهود على أرض الواقع، في ظل استمرار القتال واستخدام المدن كمسارح حربية.
دور المنظمات الدولية والوطنية في دعم الإجلاء
على الرغم من التحديات الأمنية، فقد لعبت المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية دوراً محورياً في تسهيل عمليات الإجلاء وضمان تقديم الدعم اللازم، وتستمر هذه المنظمات في توفير الإغاثة الطبية والغذائية، بالإضافة إلى التأمين اللازم للمدنيين أثناء تحركاتهم نحو مناطق أكثر أماناً.
الأمل في السلام: نظرة إلى المستقبل
في الوقت الذي تستمر فيه الأزمة في الفاشر، يبقى الأمل في إحلال السلام والأمن قائمًا. يتطلب الوضع تعاوناً مستمراً بين الحكومة السودانية، قوات الدعم السريع، والمنظمات الإنسانية، بالإضافة إلى المجتمع الدولي لضمان استقرار المنطقة وعودة الحياة إلى طبيعتها.
إن الوضع في الفاشر يعكس صورة من صور الصراع في دارفور بشكل عام، حيث يُحاصر المدنيون بين نيران الحرب وتنازع المصالح السياسية، وبالرغم من التحديات التي تواجه جهود الإغاثة والإجلاء، يبقى العمل الجماعي هو الحل الأمثل لإنقاذ الأرواح وضمان عودة الاستقرار في المنطقة.
وفي ختام هذه العملية، تبقى مسؤولية الجميع، من الحكومة إلى المنظمات الإنسانية، في تعزيز الجهود المشتركة من أجل إنهاء هذه الأزمة وتحقيق السلام الدائم في السودان.