تقارير

الغاز الخطير في الخرطوم والأسلحة الكيماوية في دارفور : إلى أين تتجه حرب السودان؟!

تقرير : SPT

دخلت الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مرحلة أكثر خطورة، مع ورود تقارير تشير إلى إحتمال إستخدام الجيش للأسلحة الكيميائية في الصراع الدائر منذ 15 أبريل 2023.
وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد الأزمة الإنسانية، حيث تم تسجيل إنتهاكات جسيمة ضد المدنيين من قبل الجيش في ولاية الجزيرة، وصفت بأنها الأسوأ في سلسلة من الإنتهاكات المتبادلة من الجانبين.
وتؤدي هذه الإجراءات إلى تفاقم معاناة المدنيين وتثير قلقًا دوليًا متزايدًا بشأن إلتزام الطرفين بالقانون الإنساني الدولي ومبادئ حماية حقوق الإنسان.

تقارير عن إستخدام الأسلحة الكيميائية

في يوم الخميس 16 يناير 2024، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً يستند إلى معلومات قدمها أربعة مسؤولين أميركيين كبار لم تكشف هوياتهم، قالوا إن الجيش السوداني “إستخدم أسلحة كيميائية مرتين على الأقل ضد قوات الدعم السريع”.

ووفقاً للصحيفة، فإن هذه الأسلحة “إستخدمت مؤخراً في مناطق نائية من السودان”، مستهدفة أفراد قوات الدعم السريع.

كما أعرب المسؤولون الأميركيون عن “قلقهم” من إمكانية إستخدام الأسلحة الكيميائية قريباً في مناطق مكتظة بالسكان في العاصمة الخرطوم.
وكشف مسؤولان أميركيان أن السلاح الكيماوي الذي إستخدمه الجيش السوداني يبدو أنه غاز الكلور.
من المهم أن نلاحظ أنه على الرغم من أن الكلور يُستخدم بشكل شائع وآمن في الحياة اليومية (مثل تنقية المياه)، فإنه يتحول إلى مادة سامة وخطيرة عند إستخدامه كسلاح كيميائي.
يتسبب إستنشاق غاز الكلور في تلف الأنسجة التنفسية، ويؤدي إلى تراكم السوائل في الرئتين، ويمنع التبادل السليم للأكسجين، مما يؤدي في النهاية إلى الوفاة بالإختناق.

وأضاف المسؤولون أن إستخدام الأسلحة الكيميائية من قبل الجيش السوداني كان مقتصرا على مجموعة ضيقة داخل الجيش، لكن من الواضح أن الجنرال عبدالفتاح البرهان هو الذي أذن بإستخدامها.

وبعد نشر تقرير عن إستخدام الجيش للأسلحة الكيماوية، ظهرت على وسائل التواصل الإجتماعي مقاطع فيديو من الخرطوم، عاصمة السودان، يقال إنها تعود إلى الربع الثاني من العام السابق.

وتُظهر المقاطع أفراداً من الجيش يرتدون أقنعة واقية لم تُستخدم في الصراع من قبل.
ويظهرون داخل غرفة في مبنى شاهق، وهم يوجهون بنادقهم عبر نافذة بعد تحميلها بمقذوفات كبيرة تشبه الكبسولات تطلق دخاناً كثيفاً عند إطلاقها.
وأثار هذا جدلاً واسع النطاق على وسائل التواصل الإجتماعي بشأن إحتمال أن تكون هذه أسلحة كيماوية.

وقال خبير أسلحة سوداني متقاعد، تتوافق شهادته مع رواية دولية غير رسمية: “إنه ليس سلاحًا كيميائيًا، ولكن يمكن إعتباره سلاحًا كيميائيًا في نفس الوقت”، وأوضح أن المقذوف هو غاز مسيل للدموع من الدرجة العسكرية.

وأشار إلى أن هذا النوع من الغاز أقوى بعدة مرات من الغاز الذي تستخدمه الشرطة في مكافحة الشغب في بعض البلدان، لأنه يحتوي على مواد كيميائية نشطة أكثر تركيزًا.
وأكد أن إستخدام هذا النوع من الغازات قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، خاصة في حال تم إطلاقه في أماكن مغلقة أو بالقرب من تجمعات المدنيين المعرضين للخطر مثل الأطفال وكبار السن والمرضى، ما قد يؤدي إلى وفيات.

وأضاف أن هذا الغاز المسيل للدموع المخصص للأغراض العسكرية غير مسموح بإستخدامه في كثير من الحالات، لأنه يمكن إساءة إستخدامه بطرق تنتهك القوانين الدولية، وخاصة إتفاقيات جنيف التي تحظر إستخدام الأسلحة الكيميائية في الحرب.

شهادات ميدانية عن غارات جوية يشتبه في استخدامها للأسلحة الكيميائية في دارفور

بعد التحديات الكبيرة التي واجهناها بسبب إنقطاع التيار الكهربائي وصعوبة التواصل في الضعين بولاية شرق دارفور ـ إحدى بلدتين إلى جانب الكومة في شمال دارفور حيث يشتبه في إستخدام الجيش السوداني للأسلحة الكيميائية ـ تمكنا من إقامة إتصال مع أعضاء غرفة الطوارئ في المدينة.

وهذه المبادرة هي جهد تطوعي من جانب العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يقدمون المساعدة للجرحى والمصابين.

أحد المتطوعين، وهو طالب مختبر طبي في السنة الثانية قبل الحرب، تحدث إلينا عبر تطبيق واتس آب بإستخدام خدمة ستارلينك، ولأسباب أمنية، فضلنا عدم الكشف عن إسمه، قال: “في أواخر شهر أكتوبر، إستقبلنا ضحايا من عدة عائلات إثر غارة جوية على منازلهم. أصيبوا بتشنجات شديدة وصعوبة شديدة في التنفس، وبسبب نقص أجهزة التنفس الإصطناعي، توفي 11 شخصًا، بينهم 5 أطفال و3 نساء”.
وقال متطوع آخر، وهو طالب طب في السنة الرابعة، إنه سمع من زملاء له في الكومة عن حوادث مماثلة توفي فيها عدد كبير من الأشخاص اختناقاً بعد الغارات الجوية في ديسمبر.

وإتفق المتطوعان على أن سقوط الضحايا في هذه المناطق تزامن مع القصف الجوي الذي استهدف الأحياء السكنية، وأضاف طالب الطب : “من المستحيل تحديد السبب الدقيق بسبب نقص المعدات التشخيصية وإغلاق المستشفيات بشكل شبه كامل بعد قصفها”.

مع تزايد خطورة الحرب في السودان، تطالب القوى الديمقراطية السودانية بإجراء تحقيق دولي مستقل وعاجل لكشف الإنتهاكات وضمان محاسبة المسؤولين عنها.

ومن الأهمية بمكان ممارسة الضغط الدولي لوقف الصراع والعودة إلى طاولة المفاوضات من أجل ضمان استقرار البلاد وحماية المدنيين.

وإذا تأكد إستخدام الأسلحة الكيميائية والجرائم الأخرى ضد المدنيين، فسوف تضاف هذه الجرائم إلى قائمة طويلة من الإنتهاكات التي تتطلب تدخلاً دولياً فورياً. ويتعين على المجتمع الدولي أن يتخذ خطوات فعّالة لحماية الأرواح، وضمان محاسبة الجناة، وتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة للمتضررين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى