
ردي لإبن صلوحة بالأمس، طرح أبو القاسم صلوحة سؤالًا عن الأهداف التي من أجلها نقاتل، وهو يدافع بإستماتة عن ما يسمى بالجيش الوطني، شأنه شأن آخرين مثل عباد وأعوانه. وأجد من الضروري أن أوضح له، ولكل من يطرح هذا السؤال، الأسباب الحقيقية وراء قتالنا.
منذ إستقلال السودان، ظل هناك تساؤل جوهري حول طبيعة الجيش السوداني، تلك المؤسسة التي تعدّ في أصلها امتدادًا لإرث المستعمر. فقد أُسس هذا الجيش، في أعقاب ثورة 1924 التي قادها السودانيون لنيل الاستقلال، ليكون أداة لحماية مصالح الاحتلال البريطاني بعد أن أُجهضت الثورة نتيجة موقف سلبي من المصريين رغم مشاركتهم فيها.
سُمي حينها بـ”قوات دفاع السودان”، وكان هدفه الأساسي دعم الحكم البريطاني في السودان، وإبعاد أي دور مصري – تركي محتمل.
لذلك، وجدناه يُزج به في حروب المستعمر البريطاني في كرن، وليبيا، والمكسيك، وشرق إفريقيا، لحماية مستعمرات التاج البريطاني.
إذن، فإن ما يُعرف اليوم بالقوات المسلحة السودانية ليس إلا بقايا إرث إستعماري، ورثته مجموعة جهوية من شمال السودان عقب الإستقلال. بينما سعت معظم الدول الإفريقية بعد تحررها إلى إعادة هيكلة جيوشها وفق رؤى وطنية، بقي السودان استثناءً، إذ استمرت القوى التي ورثت الحكم في تبني النهج الاستعماري ذاته، بل وعارضت كل الدعوات الوطنية المطالبة بإصلاح هذا الإرث.
لقد إستُخدم هذا الجيش لقمع كل من نادى ببناء مؤسسات وطنية عادلة، لأن الجهة المستفيدة من الإمتيازات التي خلفها المستعمر لم تكن ترغب في المساواة بين السودانيين.
لذلك، لم تغب مسألة إعادة هيكلة الجيش عن أي ثورة أو حركة تحرر سودانية، وظلت محورًا رئيسيًا في جميع المفاوضات مع الحركات التحررية منذ عام 1972 وحتى آخر اتفاق رفضته قيادة الجيش السوداني. السبب كان واضحًا: أي إصلاح حقيقي للجيش يعني استعادة السودانيين لحريتهم وكرامتهم، وإنهاء سيطرة الفئة المحتكرة للسلطة والإمتيازات.
إن هذا الإختطاف لم يقتصر على الجيش، بل امتد إلى كافة مؤسسات الدولة، السياسية منها والإقتصادية، وحتى الأحزاب، بما فيها الحزب الذي تنتمي إليه – سواء كان الحركة الإسلامية أو المؤتمر الوطني. تأمل في قيادتك وقراراتها، هل لك أي دور فيها؟ حتى قرار الحرب الأخير لم تكن طرفًا فيه، بل علمت به كغيرك من العامة، لأن من إختطفوا الدولة هم ذاتهم من يسيطرون على المؤسسة العسكرية، بينما أنت مجرد كومبارس في المشهد السياسي. نحن نقاتل لإنهاء هذا الظلم، ولتأسيس دولة تقوم على العدالة والمساواة، دولة يكون فيها جميع السودانيين متساوين في الحقوق والفرص.
نقاتل من أجل أن يكون لكل سوداني الحق في الجلوس على “الكرسي الأول”، بعدما قال والدك في تسجيل شهير إنه نصح حميدتي بألا يفكر في هذا الكرسي. نحن نقاتل حتى لا يُحرم أي سوداني من الطموح إلى القيادة والجلوس في الكرسي الأول بما انت نفسك ، وحتى لا يُنصح أحدٌ بألا يفكر في الكرسي بعدم الجلوس ونعيد الثقة فيه ونزيل الشعور بالدنية الذي لازم الكثير من الجماعة . نحن نقاتل من أجل دولة لا امتيازات فيها لفئة على حساب أخرى، ولا تمييز، ولا عنصرية.
نقاتل حتى تكون أنت حرًا حتى داخل حزبك، قادرًا على طرح أفكارك دون أن تكون مجرد تابع.
هذه هي معركتنا الحقيقية، ولهذا نقاتل. يا صاحب علمت لماذا نقاتل الحرب سوف تستمر ولن تقف حتى يعودوا إلى الحوار من تلك القضايا التاريخية.
آدم بركة – الأمين العام للأدارة المدنية لولاية غرب كردفان ـ الفولة