الدندر .. القتل على أساس العرق والقبيلة جريمة لا تُغتفر
رصد : بوابة السودان
في تصعيد خطير للنزاع الدائر في البلاد، شهدت مدينة الدندر، الواقعة في ولاية سنار بجنوب شرق السودان – على بُعد 400 كيلومتر من العاصمة الخرطوم، مأساة إنسانية جديدة، حيث قامت قوات الجيش، مدعومة بكتائب الحركة الإسلامية، بتنفيذ حملة إعتقالات وتصفية إستهدفت مدنيين أبرياء على أساس العرق والانتماء القبلي. وتأتي المجازر عقب إنسحاب قوات الدعم السريع من المدينة، لتسفر عن مقتل مئات المدنيين، جميعهم من أبناء قبائل غرب السودان، مما أثار موجة من الغضب الشعبي وسط المواطنين، المنددين بالجرائم البشعة التي تُرتكب بحق المدنيين الأبرياء.
خلفية الأحداث
بعد إنسحاب قوات الدعم السريع من مدينة الدندر، شنت قوات الجيش وكتائب الإسلاميين، وتحديداً عناصر كتيبة البراء بن مالك، حملة واسعة شملت إعتقالات وتنكيل وإتهامات عشوائية للمدنيين بدعوى تعاونهم مع قوات الدعم السريع أثناء سيطرتها على المدينة. وإنتشرت مقاطع فيديو تُظهر وحشية الإعتداءات والتعذيب الجسدي والنفسي للمحتجزين قبل إعدامهم بدم بارد، حيث بلغ عدد الضحايا 924 شخصاً، من بينهم نساء وكبار سن، قُتلوا بوحشية في إنتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقوانين الدولية.
تفاصيل المجزرة
تركزت الحملة على إعتقال وتصفية الأفراد بناءً على الإنتماء القبلي والمناطقي، حيث إتهمت إستخبارات الجيش بعض السكان المحليين بتعاونهم مع قوات الدعم السريع، فيما تعرضت مجموعات كبيرة للتنكيل بزعم أنها تمثل “حواضن اجتماعية” لقوات الدعم السريع. وإمتدت المجزرة لتشمل 72 أسرة، جميع أفرادها مدنيون لا علاقة لهم بالصراع، ليتم قتل بعض أصحاب المطاعم وبائعات الشاي بسبب تقديمهم الطعام أو الخدمات لقوات الدعم السريع خلال فترة سيطرتها على المدينة.
خلفية عن نهج الجيش وميليشيات الحركة الإسلامية
وأكد مراقبون بأن سلوك الجيش السوداني وكتائب الحركة الإسلامية الموالية له أصبح مثيراً للقلق، حيث يعكس نمطاً متكرراً من القتل الإنتقائي والتصفية الجسدية للمدنيين، مما يعكس فقدان هذه القوات للبوصلة الأخلاقية والكفاءة العسكرية.
مشيرين إلى أنه وفي ظل الهزائم العسكرية المتلاحقة، يبدو أن هذه الجماعات تعتمد على إحداث شرخ مجتمعي وزرع بذور العداء العرقي والقبلي، مما يزيد من الإنقسام ويهدد إستقرار البلاد وأمنها.
أهداف التصعيد العرقي والجهوي
يتجه الجيش وكتائب الحركة الإسلامية نحو إستراتيجية جديدة تهدف تحويل الحرب إلى حرب أهلية عرقية، إذ يعملون على تحشيد القبائل وتسليحها تحت ذرائع مختلفة، مع إستهداف المدنيين من أبناء غرب السودان.
ويرى المراقبون بأن هذه الإستراتيجية تهدف إلى خلق نزاعات داخلية على أساس الهوية، مع نشر خطاب الكراهية لتبرير الجرائم المرتكبة والتغطية على الإخفاقات العسكرية في الجبهات الرئيسية.
ردود الفعل والتحذيرات من منظمات حقوق الإنسان
في ظل صمت مريب من المنظمات الحقوقية والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان تجاه جرائم وإنتهاكات الجيش وميليشيات الإسلاميين، بما قد يصل إلى مرحلة التواطؤ، نددت مجموعات ومنابر أهلية محلية بهذه الجريمة، وإعتبرت أن عمليات التصفية التي جرت في الدندر تشكل جريمة حرب وتطهيراً عرقياً، داعيةً إلى فتح تحقيق دولي عاجل ومحاسبة المسؤولين عن هذه المجازر. وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل لوقف هذه الجرائم وإنقاذ السكان المدنيين من ويلات الحرب والتمييز العرقي.
الخاتمة
وقطع الكثير من النشطاء بأن المجازر التي إرتكبت في مدينة الدندر تعد محطة مأساوية جديدة في صراع مرير يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم.
لافتين إلى إن إقحام المدنيين في النزاع بناءً على الهوية والعرق يشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان وتهديداً مباشراً للنسيج الاجتماعي السوداني. في ظل هذا التصعيد الخطير، يصبح من الضروري أن يتحرك المجتمع الدولي لوقف هذه الحرب المدمرة، وأن تتم محاسبة كل من تورط في ارتكاب جرائم ضد المدنيين، لضمان أن يتمتع الشعب السوداني بحقه في العيش بسلام وأمن، بعيداً عن العنف والإنقسام العرقي والطائفي.