نحن أكذبنا مقولة “إذا النساء نشانا في امية رضع الرجال جهالة وخمولأ ، مثلما نسفنا مدارس الإعلام الحربي، بل أضفنا لها حلقاتها المفقودة ( التجديد ) ، وأيضاً جابهنا إعلام دولة ظل يرسخ للكذبة والدعاية المغروضة ، كنا مختلفين في نمط إدارتنا لأي شئ، ولا زالت تراه النخبة غريباً على دين مُلتها.
تابعت منذ فترة نقاشاً تديره أبواق الجيش الإعلامية على منصة الكلوب هاوس، وكان للمرة الثانية يمر على نفس هذا النقاش عنوانه تفكيك خطاب المليشيات، وآخر غرف المليشيا الإعلامية وكوادرها، هذه كانت أبرز عنواين نقاشاتهم ، وما دعاني للإشارة هو ورود إسمي كثيراً على نقاشاتهم كنموذج للكوادر المعدة ، فتحسرت على قصر نظراتهم وقراءتهم لمآلات واقع الحرب والتسطيح المتفشي على عقولهم حول هذه المؤسسة ومجتمعاتنا التي أسموها الحواضن .
هؤلاء جهلاء ومتكبرين على العلم في هذه البلاد، ولكن لطالما كانت هذه هي مفاضلة النخبة فلن تطول نظرتهم أبعد من المركز والمناطق المقدسة لديهم ، يحسبون إنهم إمتلكوا كل شئ، ولا يمكن لأي كان الإنتصار عليهم وهم ينعمون بنعيم الدولة وتصرف عليهم وتقدم لهم المنح والتسهيلات والتأهيل، ولا يمكن ان يفشلو أمام رعاة .
إختلفوا فيما بينهم ثم إتفقوا في نقاشهم بأنني من الذين إعدوا اإعلامياً لفترة طويلة وأهلتهم مراكز أبوظبي الإعلامية ليعرفوا الكتابة، وأما الاخرين أجمعوا على أنني وبعض الرفاق تم تجهيزنا في ماليزيا وروسيا .. ههههه لأجل تحسين صورة من له مصلحة من ذلك، وأيضاً قراءة مقال لأحد كوادر جهاز الأمن الكيزاني يقنع البلابسة بأنني من الذين أهلوهم ودربوهم إبان إنتدابهم في قوات الدعم السريع، مغزى حديثهم بأن القلة التي تكتب هي من صنع أيديهم وخبراتهم، وبهذا يريدون نسب كل شئ لهم.
ضحكت مرة وتأسفت الف مرة ولكنني لست بمحط المتفاجئ، من قصر تفكير هؤلاء لطالما أفصحت لنا هذه الحرب عن زيف حملت الدرجات العلمية في هذه البلاد، ونحن نرى دكاترة وبروفيسرات يحللون على شاشات التلفاز أحداث هذه الحرب ومآلاتها ويحدوثننا عن التاريخ ومرة عن تركيبة السودان الإجتماعية وحلقات موت محمد حمدان أو حياته ، يظنون أنهم قد أفلحوا بتحليلاتهم وهم سقوط، ومنهم من أصبح أضحوكة للعالم المتابع وبعضهم قد وقعوا ضحايا على أيدي المستضيفين، لم يكن نصحهم بوسعنا بقدر ماكنا نتأسف على حالهم وحال القاب درجاتهم التي يحملونها وهي تمثل ثمرة ورمزية التعليم في هذه البلاد المنكوبة التى المو بها بجهلهم.
نحن أبناء المناطق النائية والهوامش ، نحن الذين لم يحظوا بتعليم كالتعليم درسنا على مدارس الرواكيب ( القش – والحطب ) وأساتذتنا لم يكملو حتى الجامعات، أو لم يدخلوها ، أمهاتنا لا يعرفن كتابة أسمائهن، ولم يسمعن في صغرهن يومآ عن المدارس والجامعات والمعاهد العليا فهن آميات، ونحن لم نرضع الجهالة، كما أقروا بتأهلينا وكنا همهم الشاغل، وكذلك لم نولد في غرف مليئة بالكتب، بل ولدنا في خيام ونشأنا على السهول الشاسعة، نجوب فوقها ولا نعرف من الوطن سوى الحرية، لم نرضع الخمول ونحن على قلب الخرطوم العاصمة ومن داخل القصر الجمهوري نبحث عن العزة والحرية والمساواة وحياة الانفة لنا وسوانا من المهملين والمبعدين، وأيضاً للمضطهدين ( البوابين ) الذين يحاربوننا اليوم ليحافظوا على عبوديتهم.
انا هو إبن بيئته ولم التقى حرفاً خارجها، نحن أبناء التجارب وضحاياها ، فخرجنا أقوياء لنجاهر بما إكتبسناه منها وندافع عن الآميين الذين بنو لنا مدارس الرواكيب والحطب، وخيطوا لنا لباس المدارس، كانوا يدركون إننا سنكون سلاحهم ذات يوم، لم نكن نعرف من الدولة سوى بزتها العسكرية، ولم تبصم على تنشئتنا الا بعنفها وتوزيع الموت المجاني.
بكل إختصار نحن نمارس كل شيءً ( قنقر ) لم نعد ولم نجهز لشئ وهذه هي سجية المواطن الآخر المختلف منكم الذين لا تعرفون عنه شئ بجهلكم، أو تجهيل نخبتكم لكم ، فالمواطن في الجانب الآخر أيضاً إذا منح مامنحتكم له الدولة سيقدم ويفيد ويبدع وأكثر منكم فأنتم لن تكونوا مؤهلين أخلاقياً ولا وطنياً قبل اليوم ولا بعده.