ساذج جداً من ظن أن المعاناة التى يرزح فيها المواطن السوداني، خاصة قاطني ولاية الخرطوم والجزيرة وولايات دارفور وكردفان، من قطع لشبكات الإتصالات ومنع دخول الإمدادات والإعانات سواء القادمة من الولايات أو من الدول الصديقة أو الشقيقة للشعب السوداني، من يعتقد أن جل العوز إفرازات حرب فقط، عليه أن يقف ويتدارك نفسه وعقله.
جل مايحدث من مآس ليست لها أي تبرير ولا سياق تتماشى معه، سوى أنه قصد، غرضه الإنتقام من المواطن السوداني البسيط الذي علا صوته قائلا “الجوع ولا الكيزن” فعمدت الحركة الإسلامية على مضاعفة ذلك بتخطيط ودقة، متلذذة بمعاناة الملايين في سبيل الحصول على جرعة ماء أو قطعة خبز؛ ظناً منها أنها بذلك قد تكسر من عزيمة وإرادة هذا الشعب وتطلعاته، بالتشفى والإنتقام منه، عقب إزاحته لها من السلطة عنوة؛ فات عليها أن الكيد والغل الذي تمارسه في حق المواطن السوداني، سوى أن يشد من عزمه ويقوى إرادته لمحوها من الخارطة السياسية إسماً وصفة، لن يكسره أو يغيير من تطلعات بنوه.
من ظن أن قطع خدمات الإتصالات أو منع الإعانات تكتيك أو خطة حربية ستساهم في إنهاك قوات الدعم السريع، عليه أن يقف قليلا ويتمعن في سير المعارك مذ قطع الخدمة قبل أشهر، هل تراجعت أو تضعضعت قوات الدعم السريع، بالتأكيد الإجابة ستكون لا، وستلاحظ حدثت نتائج عكسية تماماً، إخترقت وسيطرت قوات الدعم السريع على مناطق إستراتيجية، كمثال لا حصر هاجمت وفرضت حصار على “الفاشر” وكبدت الجيش خسائر ثقيلة في معركة “الأبيض” التى تعتبر قاصمة، بجانب معركة “مصفاة الجيلي” التى لا تقل عن السابقة، والسيطرة على “جبل موية” منطقة محورية، والسيطرة على “الفاو”، بالإضافة لمعركة “الحلفايا” مؤاخراً، مايؤكد أن قطع خدمة الإتصالات ومنع الإعانات لم تتضرر منه قوات الدعم السريع بشئ، على العكس تماماً ساهم في مفاقمة المعاناة بمزيد من التجويع والتشريد لمواطن أعزل برئ من ضغائن وأحقاد جماعات الهوس التى تدعى الإسلام وهي أبعد ماتكون منه.
سواء إتفقت أو إختلفت مع الدعم السريع .. مدحاً أو قدحاً .. فقد ساهمت وعملت تلك القوات مجهوداً لا ينكره الا مكابر في رفع القليل من المعاناة من كاهل المواطن السوداني، من خلال توفير خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية “الإستارلينك”، التى خفضت إلى حد كبير من المجاعة المريرة التى كانت تخطط الحركة الإسلامية لتجريعها لإنسان هذا البلد كمداً وحقداً من أجل عرض زائل وسلطة زائفة، فقد ساهمت خدمة “الإستار لينك” بجبر ضرر الملايين وحفظ ماء وجه المتعففين، على العكس تماماً ممن تسبب في قطع ومنع خدمة الإتصالات لتجويع الناس.
بكل آسف في كل يوم تتكشف النوايا والسوء والضغائن التى تضمرها قيادة جيش فاشلة في الحرب أو جعل السلام ممكناً، ظناً منها بأن ذلك سيغيير في المعادلة قيد أنملة، إلا أن النتائج عكسية تماماً، ففطنة هذا الشعب وذكاؤه فطري، لا تنطلي عليه سياسيات التركيع أو التجويع، ولن تكسر ضغائن “الكيزان”؛ فلم تطلعنا كتب التاريخ أو واقع اليوم عن نصر تحقق في حرب قصد بها إذلال وتجويع المواطن.